1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"أين المفر؟".. تفاقم معاناة النازحين في رفح

تانيا كريمر
١٦ فبراير ٢٠٢٤

تفاقمت معاناة النازحين بمدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة مع بلوغ عددهم أكثر من مليون شخص. ويخشى هؤلاء على مصيرهم مع ترقب هجوم إسرائيلي وشيك، فيما لا يوجد أي مفر لهم.

https://p.dw.com/p/4cR78
خيم وأماكن إقامة مؤقتة لا ستيعاب عشرات آلاف اللاجئين في رفح،  فبراير/ شباط 2024
أكثر من مليون شخص لجأوا إلى رفح نتيجة القصف الإسرائيلي في مختلف مناطق قطاع غزةصورة من: Abed Zagout/Anadolu(picture alliance

بات كاهل النازحين بمدينة رفح الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة مثقلا بعد أشهر من الفرار والتنقل، فيما تفاقمت أزمتهم الإنسانية مع حتمية اتخاذهم قرارات تبدو مستحيلة مجددا. فمع  تهديد إسرائيل  بشن هجوم بري على المدينة المتاخمة للحدود المصرية الحصينة، بات السؤال الذي يدور في أذهانهم: أين المفر؟

في مقابلة مع DW  عبر واتس آب، قالت إيمان أبو موسى: "نحن خائفون على حياتنا فليس أمامنا إلا التضرع لله لكي يحمينا". وقررت إيمان البالغة من العمر 22 عاما الفرار من خانيونس إلى رفح عقب تصاعد القتال بين القوات الإسرائيلية ومسلحي حماس ما دفع الآلاف إلى النزوح جنوبا بحثا عن الأمان. وقالت إيمان: "نأمل حقا في أن يتوقف العدوان قبل دخول الجيش إلى رفح وقبل أن يتدهور الوضع أكثر وأكثر".

غزة حيث "ينعدم الأمان"

ورغم تنامي القلق الدولي إزاء تداعيات أي هجوم إسرائيلي على رفح، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوامره إلى جيشه، الجمعة (9 فبراير/ شباط 2024)، بإعداد "خطة لإجلاء" المدنيين من رفح. وأفاد مكتب نتنياهو في بيان: "يستحيل تحقيق هدف الحرب من دون القضاء على حماس وطالما بقي هناك أربع كتائب عسكرية لحماس في رفح. ومن الواضح أن أي نشاط (عسكري) كثيف في رفح يتطلب أن يخلي المدنيون مناطق القتال".

لا جئون في مدينة رفح نتيجة القصف الإسرائيلي،  فبراير/ شباط 2024
الخوف يسود في أوساط النازحين في مدينة رفح مع تقرب هجوم إسرائيلي محتملصورة من: Yasser Qudih/Xinhua News Agency/picture alliance

وفي مقابلة مع قناة "إيه بي سي" الأمريكية، قال نتنياهو إن  الجيش الإسرائيلي  سيعمل على "توفير ممر آمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة"، لكن دون الغوص في تفاصيل الخطة وأين ستكون وجهة النازحين في رفح؟ وتسببت تصريحات نتنياهو في إثارة  قلق دولي  واسع النطاق إذ حذر مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في بيان الثلاثاء (13 فبراير / شباط) من أن "السيناريو الذي كنا نخشاه في رفح منذ فترة طويلة يتكشف بسرعة مثيرة للقلق".

وأضاف البيان أن "أكثر من نصف سكان غزة باتوا مكتظين في رفح، ينظرون إلى وجه الموت. ليس لديهم سوى القليل من الطعام والرعاية الطبية، ولا يوجد أمامهم مكان آمن يذهبون إليه"، مؤكدا أن "المجتمع الدولي حذر من العواقب الخطيرة لأي غزو بري في رفح، حيث لا يمكن لحكومة إسرائيل أن تستمر في تجاهل هذه الدعوات".

وقبل إقلاع طائرتها المتوجهة إلى إسرائيل، قالت بيربوك في برلين الأربعاء (14 فبراير / شباط): "في رفح هناك 1,3 مليون إنسان عالقون في أضيق مكان وفي ظل ظروف مروعة إلى أقصى حد"، محذرة من أن  "  شن هجومللجيش الإسرائيلي على رفح من شأنه أن يؤدي في ظل هذه الظروف إلى انهيار كامل للوضع الإنساني".

مشردون فلسطينيون يفككون خيامهم قرب مشفى الاقصى بدير البلح- غزة، 7 يناير/ كانون الثاني 2024
سكان غزة تشردوا مجددا من ديارهم، هل يعودون يوما إليها؟صورة من: Majdi Fathi/NurPhoto/picture alliance

سكان رفح قبل وبعد 7 أكتوبر؟

قبل الحرب، كان يقطن مدينة رفح نحو 300 ألف شخص، لكن بعد السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي قالت الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان  قطاع غزة  البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة لجأوا إلى المدينة الحدودية حيث باتت المدارس والشقق والخيام المؤقتة مكتظة بالنازحين الذين اضطر الكثير منهم إلى النوم على قارعة الطريق رغم الطقس البارد.

وبسبب وجود معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، فإن المدينة تعد نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى القطاع، فيما قال أحد كبار العاملين في المجال الإنساني الذي زار رفح مؤخرا في تصريح لـ DW إن الأزمة الإنسانية تجاوزت أي شيء عاصره بعينيه خلال عقود من العمل في مناطق الأزمات حول العالم.

ورغم أن رفح تعتبر "منطقة أكثر أمانًا" منذ بدء إسرائيل حملتها العسكرية، إلا أنها تتعرض للقصف الجوي على نحو شبه يومي. ففي مطلع الأسبوع الجاري، هزت سلسلة من الغارات المدينة مع شروع الجيش الإسرائيلي والقوات الخاصة في تنفيذ عملية عسكرية لتحرير رهينتين كانا محتجزين في شقة برفح. ووصف الجيش الإسرائيلي الغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل 67 شخصا بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، بأنها كانت بمثابة "غطاء للعملية".

وباتت مدينة رفح ملجأ للكثير من سكان القطاع منذ هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل  في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي ما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 240 رهينة في القطاع. وعقب ذلك، شنت إسرائيل حملة عسكرية انتقامية حيث تعهدت بالقضاء على حماس، لكن العمليات العسكرية الإسرائيليةأسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 28 ألفا فضلا عن الدمار الكبير الذي لحق بالقطاع الذي أصبحت أجزاء كبيرة منه غير صالحة للسكن. يشار إلى أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

"منكوبين ومستنزفين"

وفي نهاية أكتوبر / تشرين الأول الماضي، طلبت إسرائيل من سكان الجزء الشمالي من القطاع الإخلاء عبر طرق مخصصة إلى مناطق أكثر أمانًا جنوبا. وعقب قرارها بتوسيع هجومها البري إلى بلدة خانيونس، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان غزة مجددا الانتقال إلى جنوب القطاع.

وكانت سحر أبو زيد من بين سكان خانيونس الذين قصدوا رفح بحثا عن الأمان. وفي مقابلة مع DW  عبر واتس آب، قالت "آمل ألا يقع الهجوم والوصول إلى حل سريع حيث يعاني الناس هنا من مشقة هائلة مع محدودية فرص الحصول على الغذاء والماء. أصبح الحصول على مأوى ضربا من المستحيل حيث يكافح الكثير منا للعثور على خيام للاحتماء داخلها". وقالت إن قرار نزوحها جنوبا كان مدمرا، مضيفة "الخسائر النفسية هائلة وقد أثر ذلك علي وعلى عائلتي. أصحبنا منكوبين ومستنزفين بشكل كامل. لا يسعنا إلا أن نصلي إلى الله من أجل أن ينتهي هذا".

"أين سنذهب إذا وقع الهجوم؟"

وقد قام عدد من النازحين في رفح بإعادة حزم ما تبقى من أمتعتهم للرحيل عنها خوفا على حياتهم وحياة عائلاتهم في   حالة وقوع هجوم إسرائيلي. وفي ذلك، قال باسم المحمود: "قبل يومين قررت العودة إلى النصيرات. كما قررت التصرف بشكل استباقي بدلا من المخاطرة بحياتي"، مضيفا أن الخوف ساد سكان رفح خلال الأيام الأخيرة بسبب ترقب هجوم إسرائيلي.

وأضاف: "بدأنا نسأل أنفسنا هذا السؤال: "أين سنذهب إذا وقع الهجوم؟" لم يكن قرار العودة إلى النصيرات سهلا لأن كل الطرق محفوفة بالخطر فضلا عن أن القصف مستمر في جميع أنحاء القطاع".

وأشار باسم البالغ من العمر 46 عاما إلى أنه قرر النزوح إلى رفح قبل شهر بحثا عن الأمان له ولزوجته وأطفاله الأربعة وأبيه وشقيقته الأرملة، موضحا "حياتنا في رفح كانت في غاية الصعوبة خلال الشهر الذي بقينا هناك فالحصول على الطعام والماء ليس بالأمر السهل ولا يمكن التنقل في المدينة بسبب الاكتظاظ فضلا عن الخوف الدائم من القصف".

وبنبرة يعتصرها الأسى، قال باسم إن الأمان ينعدم في أي مكان في غزة، مضيفا: "الوضع مرعب في كل مكان. نحن بحاجة ماسة ولو  إلى القليل من الأمان. لا نطلب سوى مكان يمكننا النوم فيه بأمان دون خوف".

 

ساهم في إعداد التقرير حازم بعلوشة من عمان

أعده للعربية: محمد فرحان