1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أفغان في تركيا: الحياة قاسية هنا لكن نخشى العودة بسبب طالبان

٢ أغسطس ٢٠٢١

لجأ الكثيرون من الأفغان إلى تركيا بسبب الفقر والحرب، وأغلبهم وصل إلى هناك بطريقة غير شرعية في رحلة محفوفة بالخطر. ورغم المضايقات والظروف القاسية في تركيا، إلا أنهم يرفضون العودة خوفا من طالبان التي تزداد نفوذا وقوة.

https://p.dw.com/p/3yQib
Türkei Flüchtlinge Mohamad Naderi und Mohamad Hossain Mohamadie aus Afghanistan
كثيرون من المهاجرين الأفغان في تركيا وأغلبهم شباب يحلمون بالهجرة إلى أوروبا وأحيان يبقون سنوات في تركيا من أجل ذلك!صورة من: Privat

"طالبان تغلق المدارس وتشن هجمات بحمض الأسيد على الفتيات كي لا يذهبن إلى المدرسة. نريد أن تذهب ابنتنا إلى المدرسة في أمان من دون أن تتعرض لهجوم بالأسيد. وهو ما دفعنا إلى الفرار من أفغانستان".

بهذه الكلمات لخص الزوجان صفي الله ورنجين فيزي أسباب لجوئه إلى تركيا. ويعيش صفي الله مع زوجته رنجين وطفلته صفية البالغة في العمر ثلاثة أعوام في اسطنبول بعد أن غادروا أفغانستان قبل عام. تعيش الأسرة في منطقة إسنيورت في الشطر الأوروبي من اسطنبول وهي المنطقة التي يقطنها أكبر عدد من المهاجرين في المدينة.

ويُرجع صفي الله سبب مغادرته أفغانستان إلى تداعيات خلاف على قطعة أرض نشب بينه وبين أمراء الحرب بسبب رفضه بيع مساحة أرض يمتلكها والده لهم. وعلى وقع هذا، تلقى تهديدات بالقتل ما دفعه إلى شد الرحال عن أفغانستان. وعلى عكس المهاجرين غير الشرعيين في تركيا، دخلت عائلة صفي الله إلى تركيا بعد الحصول على تأشيرة. وفي هذا السياق، يقول "كنا فقراء في أفغانستان وهنا أيضا نعيش في حالة فقر."

يعمل صفي الله في مصنع متخصص في صناعة أباريق الشاي، عشر ساعات يوميا ويكسب 240 يورو شهريا يدفع منها قرابة 160 يورو إيجار السكن الذي تعيش فيه أسرته.

وبسبب ضيق الحال، تعيش أسرة صفي الله في شقة مؤلفة من ثلاث غرف تتقاسمها مع ثمانية أشخاص. وتواجه الأسرة أزمة كبيرة في الوقت الحالي إذ انتهت صلاحية الأوراق الرسمية ولا تمتلك أموالا كافية لتجديد وثائق الهوية الخاصة بالحماية المؤقتة. ويقول "إذا لم نستطع تجديد أوراقنا، فسوف نبقى بدون وثائق رسمية. لذا ننتظر التجديد بفارع الصبر".

الحنين إلى أفغانستان

وتخشى رنجين - زوجة صفي الله وهي حامل في شهرها الثاني- من تزايد الأعباء الاقتصادية على أسرتها بعد أن ترزق بطفلها الثاني. وتقول إنها اضطرت إلى ترك مدرستها في أفغانستان بسبب هجوم لحركة طالبان، إذ قررت أسرتها عدم السماح لها بالاستمرار في التعليم فيما قُتل ابن عم زوجها البالغ من العمر 25 عاما على أيدي مسلحي طالبان.

وتساور رنجين وزوجها حلم بتمكن أطفالهما من الذهاب إلى المدرسة بعيدا عن الصراع المسلح. ورغم ذلك، تشعر الأسرة بالحنين إلى أفغانستان، "نفتقد أفغانستان. إنها وطننا، لكن لا يمكننا العودة الآن فلا تزال الحرب تدور في أرجاء البلاد. ومن ناحية أخرى، تركيا بلد جميل لكن بسبب الفقر فإن الحياة هنا صعبة أيضا" يقول صفي الله.

وقد بدأت حركة طالبان في تعزيز نفوذها وتزداد قوة مع بدء حلف شمال الأطلسي (الناتو) سحب قواته من أفغانستان. وعلى وقع هذا، تزايدت معدلات الهجرة من أفغانستان إلى خارج البلاد، فيما اكتسبت قضية هجرة الأفغان أهمية كبيرة وباتت رئيسية في تركيا وكذلك في أوروبا.

ففي تركيا، بدأ الرأي العام يشهد خطابا عنصريا ومعاديا للمهاجرين بعد إثارة المخاوف من فرار الأفغان إلى خارج بلادهم واللجوء إلى بلدان أخرى خاصة تركيا التي باتت مركز عبور لآلاف اللاجئين الأفغان.

مهاجرون أفغان يجتجون أمام مبنى المفوضة السامية لشؤون اللاجئين في تركيا
موجات هجرة ونزوح جديدة من أفغانستان مع تنامي نفوذ حركة طالبان وسيطرتها على المزيد من المناطقصورة من: Ali Hekmat

فرار محفوف بالخطر

يصل معظم الأفغان إلى تركيا عبر طرق الهجرة غير النظامية، إذ أعلنت مديرية الهجرة العامة في وزارة الداخلية التركية إحصائية جاء فيها أن أكثر من 29 ألف مهاجر أفغاني غير نظامي تم احتجازهم من قبل السلطات الأمنية التركية بحلول يوليو / تموز الماضي من بينهم أحمد فرهاد البالغ من العمر 20 عاما. ويعيش فرهاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام في منطقة زيتين بورنو التي يقطنها أكبر عدد من الأفغان في اسطنبول. ويسرد فرهاد كيف كانت رحلة هروبه من أفغانستان حتى وصوله إلى تركيا.

ويقول "عندما غادرنا أفغانستان، كانت محطتنا الأولى باكستان ثم تحركنا إلى إيران. ودفعت 450 دولارا قبل ثلاث سنوات للمهربين ليتم تهريبي من إيران إلى تركيا. أعتقد أن هذا المبلغ قد ارتفع كثيرا في الوقت الحالي".

وهرب فرهاد إلى إيران عندما كان في الرابعة عشرة عقب مقتل عمه وتلقي أسرته تهديدات بالقتل. وفي الوقت الحالي، يعيش فرهاد في تركيا فيما يعيش أشقاؤه في ألمانيا. ويقول إنه كان طالبا مجتهدا بالمدرسة في أفغانستان لكنه لم يتمكن من استكمال دراسته عقب حصوله على الشهادة الثانوية. ويحلم فرهاد في أن يصبح طبيبا مثل والده، لكن مثل الكثير من الشبان الأفغان في تركيا، لا يملك حتى الآن تصريح إقامة. وتظهر الإحصائيات الرسمية أن عدد الأفغان الذين يمتلكون تصاريح إقامة وصل إلى أكثر من 51 ألفا و527 بحلول يوليو/ تموز الماضي.

نصب واحتيال ومضايقات في تركيا

يقول فرهاد إنه تعرض لعملية نصب بعد زعم البعض أن بإمكانهم مساعدته في الحصول على إقامة مقابل مبلغ مالي. ويضيف "تم خداعي من قبل أشخاص دفعت لهم 590 دولارا بعد أن وعدوني بالحصول على تصريح إقامة. وكل يوم اتصل بهم لكن دون جدوى".

وشهدت الأسابيع الماضية ارتفاعا في الخطاب العنصري المعادي للمهاجرين في الإعلام التركي فيما تصدر وسم #MulteciIstemiyoruz   أو "لا نريد لاجئين" موقع تويتر في تركيا.

المهاجر الأفغاني الشاب أحمد فرهاد في اسطنبول
المهاجر الأفغاني أحمد فرهاد يؤكد أن الأتراك "إخوة مسلمون" لكنه يتعرض أحيانا لمواقف عدوانية منهمصورة من: Burcu Karakas/DW

بيد أنه وبسبب حاجز اللغة، فإن الكثير من المهاجرين ليسوا على دراية بهذه الأمور ومن بينهم فرهاد. ورغم أنه لم يسمع بهذه النقاشات المعادية للمهاجرين سواء في الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه عايش بنفسه هذا التحول المعادي للأفغان في تركيا. وفي ذلك، يقول "بعض الناس يهينوننا".

ورغم ذلك، يحرص فرهاد على الإشارة إلى الأتراك باعتبارهم "إخوة مسلمون"، مؤكدا أنه فقط في بعض الأحيان يتعرض لمواقف عدوانية. ونظرا لأنه لا يملك بطاقة هوية مؤقتة، فلم يحصل على”كود  "HES وهو رمز شخصي خاص بتتبع الحالة الوبائية لمنع تزايد انتشار فيروس كورونا في تركيا، لذا لا يمكنه استخدام وسائل النقل العام. ويقول "لا يمكنني استخدام مترو الأنفاق أو وسائل النقل العام الأخرى. وعندما استقل التاكسي، أدفع الضعف إذ يرفض سائق التاكسي تشغيل العداد." وينقل عن بعض سائقي التاكسي قولهم له: "سوف تدفع هذا المبلغ وسوف أذهب بك إلى المكان الذي تريده".

ووفقا لوزارة الداخلية التركية، فإن أكثر من 22 ألفا و606 أفغاني تقدموا بطلبات للحصول على بطاقة الحماية الدولية العام الماضي ليتصدروا المرتبة الأولى بين باقي المهاجرين الآخرين.

وفي هذا السياق، تقول زاكيرة حكمت، التي أسست جمعية "التضامن مع اللاجئين الأفغان" إن الشباب الأفغان الذين وصلوا إلى تركيا لم يتم تسجيلهم منذ عام 2018 لذا فهم يعيشون في تركيا بلا وثائق، فيما يحلم كثيرون منهم بالسفر إلى أوروبا.

وتضيف حكمت أن الوضع في أفغانستان يتدهور يوما بعد بوم، مشيرة إلى أن "مسلحي طالبان يقومون باقتحام المنازل لطلب المال ويهددون النساء والفتيات من تداعيات مغادرة المنازل من دون مرافقة رجل. وأغلقت حركة طالبان بعض المدارس. لجأ البعض إلى الجبال".

المهاجر الأفغاني إلهان
المهاجر الأفغاني إلهان يعيش في تركيا بدون أوراق نظامية ومجبر على العمل من الصباح حتى المساء لمساعدة أهله الفقراء في أفغانستانصورة من: Burcu Karakas/DW

وتعد الحرب مع الفقر السببين الرئيسين لفرار الأفغان من بلادهم، فيما يشكل الشباب وصغار السن غالبية المهاجرين الأفغان الذين وصلوا إلى تركيا مثل إلهان وهو شاب أفغاني لم يتجاوز عامه الثاني والعشرين.

ويقول إنه انفصل عن أسرته عندما كان طفلا، إذ ترك العاصمة الأفغانية كابول قبل تسع سنوات بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. وهو واحدا من كثير من المهاجرين غير النظاميين في تركيا الذين يعيشون في ظل ظروف قاسية، إذ يعمل في الوقت الحالي في مصنع نسيج في منطقة زيتين بورنو ومجبر على توفير بعض جزء من أجره ليرسله إلى والديه في أفغانستان بانتظام بسبب العوز. حتى الآن ورغم مرور سنين عديدة على وجوده في تركيا، إلا أنه يعيش بدون وثائق. ويقول "ليس لدي أي أوراق. يتعين علي الذهاب في الصباح إلى العمل والعودة في الليل. حياتي كلها تسير بهذا الشكل دون أي تغيير. أنا لا ألحق أي ضرر بأي شخص. يجب أن أعتني بأمي وأبي، لذا ليس لدي أي خيار سوى العمل".

بورجو كاراكاش/ م .ع