1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

استثناء المغرب.. هل تتجه الجزائر إلى تكتل مع تونس وليبيا؟

إسماعيل عزام
٥ مارس ٢٠٢٤

هل هي محاولة لبعث "اتحاد المغرب العربي" أم هو بحث عن قطب مغاربي يزيد من التكتل داخل منطقة بلغ فيها التنافس السياسي والاستراتيجي حدودا كبيرة؟ لقاء ثلاثي بين قادة الجزائر وتونس وليبيا يفتح تكهنات كثيرة.

https://p.dw.com/p/4d9PH
 الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والتونسي قيس سعيد في قمة الغاز ( 01/03/202)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والتونسي قيس سعيد في قمة الغاز. هل هي محاولة لـ"عزل" المغرب؟صورة من: Tunisian Presidency Office/ZUMAPRESS.com/picture alliance

يثير اللقاء الثلاثي بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والتونسي قيس سعيد ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي لأجل "تكثيف الجهود وتوحيدها قصد مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب"، حسب بيان للرئاسة الجزائرية، الكثير من النقاش حول مستقبل التعاون المغاربي، خصوصاً في ظرفية لا تزال فيها العلاقات المغربية-الجزائرية تعيش مرحلة القطيعة التامة.

جاء هذا اللقاء بين الدول الثلاث التي تشترك في الحدود، خلال سياق القمة السابعة للغاز التي انعقدت في الجزائر، وهي القمة التي حضرها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني فضلاً عن الرئيس التونسي، بينما حضر فيها محمد المنسي ممثلا عن ليبيا وهي احدى الدول العضوة في منتدى البلدان المصدرة للغاز إلى جانب الجزائر.

التوتر المغربي -الجزائري؟

ولا يمكن استبعاد التوتر-المغربي الجزائري من هذه التحركات، فعبد المجيد تبون، الذي رعى هذا اللقاء الثلاثي، كان قد صرّح أن "القطيعة مع المغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة"، وبالتالي هناك من قد يشير إلى أن الجزائر ترغب في خلق كيان بديل عن اتحاد المغرب العربي الذي يعيش حالة جمود، لكنه كيان دون المغرب، رغم الدور المركزي الذي يلعبه هذا الأخير في المنطقة.

لكن جلال حرشاوي، باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، يرى أنه لا يجب تحميل المحادثات الكثير بحكم أنها لا تزال في بداياتها، ويقول لـDW عربية: "هذه الدول الثلاث تريد ببساطة أن تُظهر أن بإمكانها التحدث بشكل منتظم. وهذا لا يعني أنها صيغة ثابتة أو استبعاد طرف آخر".

غير أنه يشير إلى أن "العقبة الرئيسية أمام تحقيق وحدة حقيقية في المغرب العربي هي التنافس بين المغرب والجزائر"، مؤكدا أن "الخلاف العميق بينهما يمثل تحديًا كبيرًا من غير المرجح أن يتم حله قريبًا"، لكنه ليس الإشكال الوحيد وفق المتحدث فـ"ليبيا منقسمة داخليًا أيضًا، ويستفيد قادتها الحاليون من الانقسام المحيط بالمغرب العربي، لأنه يوفر لهم المزيد من الفرص لتحقيق مصالحهم الخاصة" وفق قوله.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع الرئيس الموريتاني  محمد ولد الشيخ الغزواني خلال حفل استقبال هذا الأخير للمشاركة في قمة الغاز (01/03/2024)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال حفل استقبال هذا الأخير للمشاركة في قمة الغاز صورة من: Algerian Presidency Office/ZUMAPRESS.com/picture alliance

وقد تثار أسئلة حول غياب موريتانيا من اللقاء، وهل يتعلق الأمر فقط بسبب جغرافي بحكم أنها لا تشارك حدوداً مع تونس وليبيا، أو سياسي للعلاقة الموريتانية المعقدة مع المغرب، لكن موريتانيا قد تكون مرشحة للانضمام بدورها إلى هذه اللقاءات بحكم أن عبد المجيد تبون ومحمد ولد الشيخ الغزواني، أشرفا مؤخرًا على إعطاء إشارة انطلاق مشروع طريق بري يربط بين الجزائر وموريتانيا، ما يشير إلى تقارب جزائري-موريتاني.

أقطاب بدل الاتحاد؟

أعلنت دول المنطقة عام 1989 عن اتحاد يجمعها، في ظرفية اتسمت بتحسن العلاقات المغربية-الجزائرية، لكن اتحاد المغرب العربي بقي حبراً على وقع، وساء وضعه بعد توتر علاقات البلدين مجددا بدءاً من عام 1994.

من جانب آخر، شهدت المنطقة في العقود الأخيرة عدة تحالفات بين دولتين أو أكثر، كمعاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983، ومعاهدة الوحدة المغربية-الليبية في السنة التي تلتها، لكن هذه التحالفات كانت لها نتائج متباينة، وكانت تحركها في الغالب محاولات خلق أقطاب في منطقة لم تهدأ فيها الخلافات خلال العقود الأخيرة.

فهل تكون المبادرة جديدة محاولة لخلق بديل لاتحاد المغرب العربي؟ يرى حرشاوي أن "الدول الثلاث (الجزائر وتونس وليبيا) تحاول إنشاء منتدى، على أمل جذب المزيد من الأعضاء فيما بعد، ولا يمكن استبعاد موريتانيا ولا حتى مصر (بحكم انتمائها لشمال إفريقيا، ومشاركتها حدودا شاسعة مع ليبيا)"، لكن هذه المحاولات "من غير المحتمل أن تسفر عن نتائج مهمة".

رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي يستقبل وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة (22/01/2023)
رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي يستقبل وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرةصورة من: Libyan Prime Ministry Press Office/Anadolu Agency/picture alliance

من جانبه، يؤكد طارق الكحلاوي، أننا "موضوعيًا إزاء حلف إقليمي ينبع من تلاقي مصالح وتصور كل طرف للمنطقة كل من زاويته"، ويؤكد المدير العام السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، لـDW عربية، أن هذا "يعني عمليا وجود توجه بعزل المغرب، ويجعل كل من تونس وليبيا أقرب للجزائر في المحصلة".

لكن السبب حسب الكحلاوي أن هذا التوجه "لم يكن ليحدث لولا القرار المغربي بالتطبيع بشكل منفرد، ما سمح بنفاذ إسرائيلي غير مسبوق في المنطقة المغاربية، وجعل الخصومة تجاه المغرب لا تختص فقط بالجزائر، بل أيضا تشمل بقية الدول غير المعنية بالتطبيع".

في الناحية المقابلة، كانت الرباط قد أعادت العلاقات مع إسرائيل في صفقة ثلاثية شملت كذلك الاعتراف الأمريكي في عهد دونالد ترامب، بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء الغربية، وهي الخطوة التي لم تتخذها أيّ دولة مغاربية، بل إن الجزائر، تعدّ أكبر داعم لجبهة البوليساريو التي أعلنت إنهاء الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991 مع المغرب.

ويحظى المغرب بعلاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي الذي منحه "الوضع المتقدم"، ما ساهم في نمو كبير في المبادلات التجارية، كما تقوّت العلاقة المغربية مع دول الخليج وبات جلها يدعمه في ملف الصحراء، فضلًا عن توجه المغرب خلال السنوات الأخيرة لتقوية علاقاته مع دول إفريقيا جنوب الصحراء.

ماذا عن ليبيا وتونس؟

ولا تعيش ليبيا، إحدى أطراف هذا "التحالف الجديد"، في وضعية تتيح لها استصدار موقف وطني موحد في السياسة الخارجية، مع استمرار الأزمة السياسية والمطالبات بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. ويوضح حرشاوي "أنه بالنظر إلى الوضع المنقسم في ليبيا، فإن المحادثات مع الرئيس محمد المنفي محدودة الفعالية، لأنه يفتقر إلى سلطة تمثيل الحكومتين في طرابلس أو بنغازي".

وحافظت ليبيا على علاقات جيدة مع المغرب، خصوصًا أنه احتضن محادثات مدينة الصخيرات بين تيارات ليبية بوساطة أممية أدت إلى اتفاق عام 2015 بإقرار حكومة الوفاق في طرابلس، ثم محادثات منتجع بوزنيقة عام 2020، ما قد يجعل الأطراف الليبية، خصوصا منها المحسوبة على طرابلس، غير راغبة في فقدان داعم سياسي لها، ممثلاً في الحكومة المغربية، عبر الدخول في تحالف غير مرحب بالرباط.

لكن الوضع بالنسبة لتونس مختلف، إذ لا تزال العلاقة باردة بينها وبين المغرب، منذ استقبال قيس سعيد لإبراهيم غالي بصفته رئيس "الجمهورية الصحراوية" (غير معترف بها أمميًا). ورغم بعض الإشارات الإيجابية، إلا أنه لم تتم إعادة السفيرين بين البلدين، وسط تقارب قوي بين قيس سعيد وعبد المجيد تبون.

ويشير الكحلاوي إلى أن تونس لديها مصالح من قيام "حلف ثلاثي مشابه"، بل يمكن أن يتحول إلى حلف رباعي بانضمام إيطاليا التي طوّرت العلاقة مع جيرانها الجنوبيين، وفق تأكيده.

أسباب الحاجة التونسية لهذا التكتل متعددة حسب الخبير ذاته، منها "حدود طويلة مشتركة مع الجزائر وليبيا، تمثل تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة وتحتاج تعاونا مشتركا لضبطها"، وكذلك فيما يتعلق بموضوع الطاقة، إذ يوضح أن "تونس تعوّل على الغاز الجزائري، مع ما يخلقه ذلك من تبعية طاقية خصوصاً تراجع استكشاف وتنقيب الآبار والحقول التونسية، فضلاً عن الحاجة للموارد النفطية الليبية".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات