1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شرطة ألمانيا ـ عاصفة سياسية بسبب تكهنات "عنصرية كامنة"

حسن زنيند
١٢ يونيو ٢٠٢٠

المشاهد نفسها تكررت في ألمانيا، متظاهرون يجثون على ركبة واحدة على الأرض مع رفع قبضة اليد للسماء، تضامنا مع جورج فلويد. وسرعان ما طفى سؤال على السطح، هل تعاني الشرطة الألمانية من "عنصرية كامنة" على غرار نظيرتها الأمريكية؟

https://p.dw.com/p/3dc0W
تدريب للشرطة الألمانية في ولاية شمال الراين وويستفاليا (فبراير/ شباط 2019)
تدريب للشرطة الألمانية في ولاية شمال الراين وويستفاليا (فبراير/ شباط 2019)صورة من: picture-alliance/dpa/S. Simon

الأفارقة يشعرون بأنهم "كائنات فضائية" بألمانيا

شرطة ألمانيا ـ أسئلة غير مريحة!

بين التهويل والتهوين ـ مواقف الأحزاب الألمانية

 سيادة القانون ـ الدفاع عن الحرية والديموقراطية

التقرير الذي دق أجراس الخطر

 

الأفارقة يشعرون بأنهم "كائنات فضائية" بألمانيا

صحيفة "نيوتسورخرتستايتونغ" الصادرة في زوريخ كتبت في (العاشر من يونيو/ حزيران 2020)، تحليلا مطولا حول حياة السود في ألمانيا تحت عنوان "الأفارقة يشعرون بأنهم كائنات فضائية" استنادا لكتاب يحمل نفس الاسم لعالم النفس النيجيري إرهابور سونداي إديموديا الذي يبحث في شؤون المهاجرين الأفارقة بألمانيا في جامعة "شمال غرب جنوب إفريقيا". وفي عام 2010 نشر دراسة بعنوان "أنا كائن فضائي في ألمانيا" بالمشاركة مع الباحث الألماني كلاوس بوينكه.

ووفقًا لإديموديا، فإن الأفارقة يجدون صعوبة في- أسلوب الحياة في ألمانيا، ولكن أيضًا مع القوالب النمطية العنصرية. وأوضح بهذا الصدد "ينظر الألمان إلى (الأفارقة) في المقام الأول كلاجئين". ومع ذلك، كلما تعلم المهاجرون الأفارقة الألمانية بشكل أفضل، كلما قلت معاملتهم عنصريًا من قبل الألمان. وأكد أنه لا يمكن مقارنة الوضع في ألمانيا مع ما يحدث في الولايات المتحدة. الولايات المتحدة لديها بالفعل مشكلة بنيوية مع العنصرية. وحسب إحصاء جرى عام 2018، يعيش في ألمانيا حوالي مليون شخص من أصول إفريقية (936.000 بالضبط). وهم إما وُلدوا في إفريقيا أو في ألمانيا، وأحد أبويهما على الأقل من أصول إفريقية سواء كانوا يحملون جوازا ألمانيا أم لا.

شرطة ألمانيا ـ أسئلة غير مريحة!

في سياق ارتدادات صدمة مقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة والاحتجاجات العالمية التي أعقبتها، اندلع جدل سياسي حاد في ألمانيا حول تكهنات بوجود "تمييز بنيوي" لدى قوات الشرطة. وفيما طالبت أحزاب يسارية بمحاربة ما أسمته بعنصرية "كامنة" أو "هيكلية"، حذرت أحزب اليمين بكل أطيافها من تعميم الأحكام المسبقة ولَوْمِ هياكل الشرطة دون تمييز بتهمة ثقيلة كهذه.

مبدئيا، هناك اختلافات بين المجتمعين الأمريكي والألماني من حيث تاريخ العبودية والتركيبة العرقية وإشكاليات الهجرة وكذلك العلاقة بالإرث الاستعماري. أصداء حركة التضامن العالمية الواسعة مع فلويد أظهرت أن موضوع العنصرية لا يزال بالغ الحساسية في المجتمعات الأوروبية. وبهذا الصدد أكدت الناشطة كارين تايلور، رئيسة "الشبكة الأوروبية ضد العنصرية" أن "معظم الدول الأوروبية لا تجمع بيانات عن الأحداث العنصرية وعنف الشرطة"، وذكرت بلدها ألمانيا كمثال. وأضافت "لذلك لا نملك صورة واضحة حول ما يحدث بالفعل في أوروبا". ويأمل الكثير من النشطاء الأوروبيين في أن تكون وفاة فلويد نقطة انطلاق لتغيير جوهري دائم. "آمل ألا يتحول ما لدينا إلى لا شيء (..) سوف نستجمع زخم هذه الحركة ونترجم ما يصرخ به الأشخاص في الشوارع إلى سياسيات" على حد تعبير تايلور.

 

بين التهويل والتهوين ـ مواقف الأحزاب الألمانية

اندلع الجدل السياسي بعد تصريحات زاسيكا إسكن، رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ففي مقابلة مع مجموعة "فونكه لإعلامية" أكدت المسؤولة على أن "هناك عنصرية مستترة في صفوف قوات الشرطة الألمانية"، وطالبت بإنشاء هيئة شكاوى مستقلة للتحقيق في حالات العنف غير المبررة المُرتكبة من قبل الشرطة. هذه التصريحات أدت إلى زوبعة من ردود الفعل السياسية والإعلامية، وموجة من الانتقادات حتى من قبل وزراء داخلية محليين ينتمون إلى الحزب الاشتراكي. جيم أوزدمير، زعيم الخضر السابق وهو من أصل تركي، زاد من حدة الجدل خلال مشاركته في البرنامج الحواري "أنا فيل" الذي تقدمه شبكة "أ.إر.دي"، ومما أكد عليه أوزدمير أن الدولة الألمانية تعمدت التغاضي عن اليمين المتطرف خلال التسعينيات. وذهبت زميلته في الحزب إرينه ميهاليتش التي ذكرت أن كتلتها البرلمانية قدمت مشروع قانون يقضي بإحداث منصب مُفوض خاص بالشرطة، ودعت الاشتراكيين الديموقراطيين لدعم المشروع.  كلاوديا روث (حزب الخضر) نائبة رئيس البرلمان، نددت بـ"هياكل وشبكات عنصرية" لدى قوات الأمن، فيما دعا زعيم الحزب روبرت هابيك إلى حذف مصطلح "العرق" من المادة الثالثة في الدستور الألماني.

أما أنغريت كرامب ـ كارنباور رئيسة الحزب الديموقراطي المسيحي الذي تنمي له ميركل، فأكدت على أهمية طرح أسئلة نقدية حول أشكال "العنصرية اليومية" في ألمانيا. إلا أن الأمين العام للحزب بول زيمياك حذر من "تعميم اللوم" ضد الشرطة ودعا إلى "نقاش متمايز بدلاً من الأحكام الشاملة (..) وأوضح أن حزبه يرى أنه ليس هناك شك في ضرورة مكافحة العنصرية باستمرار وفي كل مكان. وحذر زيمياك من أن "أي شخص يُرحِلُ معضلة العنصرية لدى الشرطة الأمريكية إلى ألمانيا ميكانيكيا، إنما يُغذي أحكامًا عامة تجاه قواتنا الأمنية". إيسكن تعرضت أيضا لانتقادات حادة من قبل المتحدث باسم الكتلة المسيحية في البرلمان الألماني "بوندستاغ" جان ماركو لوكزاك. وكتب في تغريدة على تويتر "إذا اتهمت الشرطة بأكملها بالعنصرية، فإن ذلك سيكون إشارة قاتلة ستقوض الثقة، وتضر بسمعة الشرطة". جورج بازرسكي عضو حزب "البديل" اليميني قال بدوره في تغريدة إن إيسكن "يجب أن تفحص نفسها ولو مرة واحدة على الأقل، للتأكد من ملائمتها للديمقراطية".

 

سيادة القانون ـ الدفاع عن الحرية والديموقراطية

وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر نفى وجود "عنصرية مستترة" لدى شرطة بلاده. وأضاف "لا تسامح مع العنصرية"، ولفت إلى أن كل حالة منفردة يجري تقصيها والتحقق منها. وفي حوار مع إذاعة "دويتشلاندفونك" دافع توماس ستروبل وزير داخلية ولاية بادن فورتمبيرغ (من حزب ميركل) عن الشرطة الألمانية وقال إنها تقف على قاعدة صلبة قوامها سيادة القانون والدفاع عن الحرية والديمقراطية. وانتقد المسؤول الألماني بشدة الهجمات التي تعرضت لها قوات الأمن في شتوتغارت على هامش المظاهرات المناهضة للعنصرية التي عرفتها المدينة.

في غضون ذلك، تسبب تعليق على الفيسبوك لثادييوس كونزمان، مفوض شؤون الديموغرافيا في نفس الولاية (بادن فورتمبرغ) في غضب عارم. وكتب كونزمان أن جورج فلويد كان مجرمًا عنيفًا وله سجل إجرامي كبير. "لا أحد منا يريد مقابلته في الليل". وعلى إثر ما كتبه دعا الحزب الاشتراكي الديموقراطي كونزمان للاستقالة. كونزمان عبر عن اندهاشه من المطالب باستقالته، مؤكدا أن ما نشره كان رأيه كمواطن، نافيا وجود عنصرية كامنة لدى الشرطة الألمانية. نقابة اتحاد الشرطة (GdP) أعربت عن رفضها إلقاء شكوك عامة ضد رجال الأمن. وقال نائب رئيس النقابة ديتمار شيلف إنه لا يوجد سبب للربط بين ما يقع في الولايات المتحدة والشرطة الألمانية. "موقفنا واضح اتجاه العنصرية، كل فعل يجب أن يعاقب، وهذا ما يحدث بالفعل".

هذه جوانب من حياة بعض سود البشرة في ألمانيا

التقرير الذي دق أجراس الخطر

وثقت الهيئة الألمانية لمكافحة التمييز زيادة في حالات العنصرية في عام 2019، إذ تم إبلاغ السلطات بـ 1176 حالة. وهو ما يمثل زيادة بنسبة عشرة بالمائة مقارنة بالعام الذي سبقه. وبهذا الشأن قال رئيس الهيئة برنهارد فرانكه في مؤتمر صحافي (التاسع من يونيو/ حزيران 2020): "لدى ألمانيا مشكلة مستمرة فيما يتعلق بالتمييز العنصري، ولا تدعم المتضررين بما يكفي لإنفاذ القانون". الخبيرة يوهانا زاغمايستر كتبت على موقع تلفزيون "زيد.دي.إف" أن تقرير الهيئة ليس إلا شجرة تغطي غابة من الكراهية والعنف. واعتبرت أن "معضلة العنصرية أعمق بكثير في مجتمعنا، ما يظهر في ممارسة تمييزية في الحياة اليومية".

وفي تصريح لشبكة "إن.دي. إر" الألمانية (العاشر من يونيو/ حزيران 2020) أعطى يواخيم كيرستن، عالم الاجتماع والباحث في شؤون الإجرام بجامعة الشرطة الألمانية في مونستر، توضيحات حول اتهامات الشرطة الألمانية بـ"عنصرية هيكلية"، وأكد أنه من الصعب الانطلاق من حالات خاصة للوصول إلى بنيات هيكلية، لكنه أكد أن "لدى المجتمع الألماني نسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة من الأشخاص الكارهين للأجانب وهؤلاء الأشخاص من ذوي الميول العنصرية والكارهين للنساء ومثليي الجنس وما إلى ذلك. وعلينا أن نفترض نسبة مماثلة لدى الشرطة".

 

حسن زنيند

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد