1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليبيا - سباق محموم بين الدبلوماسية وآلة الحرب

٢٦ ديسمبر ٢٠١٩

فتح إعلان حكومة الوفاق الوطني الليبية موافقتها على تفعيل مذكرة التفاهم للتعاون العسكري مع تركيا، الباب أمام فاعل خارجي جديد ليتدخل في المشهد الليبي المعقد أصلا، بهدف مواجهة المشير حفتر المدعوم من دول منافسة لأنقرة.

https://p.dw.com/p/3VLIf
صراع القوى الخارجية يزيد الوضع تعقيدا في ليبياـ صورة مركبة لأردوغان والسراج وحفتر
صراع القوى الخارجية يزيد الوضع تعقيدا في ليبيا

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم (الخميس 26 ديسمبر/ كانون الأول 2019) بأنه من المتوقع أن تمرر بلاده تفويضا لإرسال جنود إلى ليبيا في البرلمان خلال يومي 8 و 9 كانون الثاني / يناير القادم. ونقلت وكالة "الأناضول" عنه القول إنه سيتم تمرير التفويض "لتلبية دعوة حكومة الوفاق الوطنية الليبية"، المدعومة من الأمم المتحدة. وأكد "سنقدم جميع أنواع الدعم لحكومة طرابلس في كفاحها ضد الجنرال الانقلابي المدعوم من دول أوروبية وعربية مختلفة"، في إشارة إلى المشير خليفة حفتر قائد ما يسمى بـ"الجيش الوطني" الليبي المدعوم من مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق (شرق ليبيا) مقرا له. واستطرد "هؤلاء يدعمون بارون الحرب، ونحن نلبي دعوة الحكومة الشرعية في ليبيا، هذا هو الفارق بيننا".

وبشأن زيارته يوم أمس لتونس، قال أردوغان "لقد قررنا مع تونس إقامة تعاون من أجل تقديم الدعم السياسي للحكومة الشرعية في ليبيا". وحول الانتقادات التي أثارتها المذكرة الموقعة مع حكومة الوفاق بشأن تحديد مناطق النفوذ بالبحر المتوسط، قال أردوغان "هدفنا في البحر المتوسط ليس الاستيلاء على حق أحد، على العكس من ذلك، هدفنا هو منع الآخرين من الاستيلاء على حقنا". وسيفتح التدخل التركي إذا تحقق المشهد الليبي على احتمالات قد تذكر بالسيناريو السوري.

مأزق المحادثات التركية الروسية

وذكرت صحيفة فيدوموستي الروسية اليوم الخميس أن المحادثات بين وفد تركي ودبلوماسيين روس في موسكو استمرت ثلاثة أيام، وهي مدة أطول بكثير مما كان متوقعا، حيث حاول الطرفان التوصل إلى تسوية لأزمتي سوريا وليبيا. وسافر الوفد التركي إلى روسيا الاثنين لإجراء محادثات بخصوص سوريا في أعقاب تقارير عن أن هجمات بدعم روسي هناك تجبر عشرات الآلاف من السوريين على الفرار باتجاه تركيا.

وبحث الطرفان أيضا الوضع في ليبيا بعدما قال الرئيس التركي الأسبوع الماضي إن بلاده لن تبقى صامتة إزاء "مرتزقة" يدعمون قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر مثل مجموعة فاغنر المدعومة من روسيا والمؤلفة من متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص. وتقول موسكو إنها قلقة جدا بشأن احتمال نشر قوات تركية في ليبيا.

تونس في قلب التحركات الديبلوماسية

وذكرت مصادر مطلعة أن وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، سيعقد، اليوم مؤتمرا صحفيا في تونس للحديث عن مستجدات الأوضاع في ليبيا، وذلك في ضوء مذكرتي التفاهم اللتين تم توقيعهما في الـ 27 من تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بإسطنبول، بين أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووفقا للمصادر، فإن السراج وصل إلى تونس في طائرة خاصة بعد وقت قصير من وصول أردوغان صباح أمس مرفوقا بعدد من مساعديه.

Recep Tayyip Erdogan und Kais Saied in Tunis
زيارة مفاجئة قام بها أردوغان إلى تونس صورة من: picture-alliance/AA/Y. Gaidi

تحركات ميدانية تنذر بالأسوأ!

ميدانيا، وصلت إلى مدينة سرت الليبية تجهيزات وآليات عسكرية وقتالية مدرعة؛ دعما لقوة حماية وتأمين سرت، كما وصلت قوة أخرى مجهزة تابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية التي يقودها حفتر إلى منطقة الأربعين شرق المدينة. وقالت مصادر محلية وشهود عيان إن عددا من الكتائب العسكرية من الناحية الغربية وصلت إلى ضواحي سرت التي تشهد استنفارا وطوارئ خاصة بعد إعلان قوات تابعة للقيادة العامة عزمها الدخول إلى المدينة بعد 24 ساعة.

وأضافت المصادر أن قوة عسكرية مجهزة تابعة للكتيبة 128 مشاة التي يقودها الرائد حسن الزادمة التابع للقيادة العامة، وصلت إلى نقطة 40 شرق سرت داخل الحدود الإدارية للبلدية، كما وصلت آليات وقوات عسكرية إلى مناطق هراوة والعامرة وأم القنديل وسلطان والأربعين. وذكرت المصادر أن بعضا من تلك القوات تمركزت في مواقع حكومية وعسكرية، وأقامت نقاط تفتيش للسيارات المارة بالطريق الرئيسي، مشيرة إلى أن إدارة مستشفى "ابن سينا" التعليمي أعلنت حالة الطوارئ والنفير اعتبارا من اليوم.

وقال مدير عام مستشفى ابن سينا، في سرت الدكتور محمد السريتى، إن جميع الأقسام الطبية تعمل بكامل طاقتها، من خلال تواجد العناصر الطبية والطبية المساعدة خلال دوام كامل وتنسيق أيضًا طيلة 24 ساعة، خاصة أقسام العناية والإسعافات والأشعة. وجاء إعلان الطوارئ بالمستشفى بعد المهلة التي أعلنتها القيادة العامة لقوات حفتر قبل أيام للقوات المتمركزة في المدينة، التي طالبتها بالانسحاب في موعد أقصاه الثانية عشرة بعد منتصف هذه الليلة.

تضارب المصالح بين القوى الخارجية

ووضع الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا أنقرة على مسار تصادم مع اليونان وقبرص، وزاد من التوتر بينها وبين الاتحاد الأوروبي ويُضاف إلى النزاعات الحالية المتعلقة بسياسة الهجرة وتساؤلات أوسع بشأن دور أنقرة في حلف شمال الأطلسي. كما يزيد المخاطر مع مصر التي توجد على خلاف مع أنقرة منذ أن أطاح الجيش المصري في 2013 بالرئيس محمد مرسي الذي كان ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين. ويقيم عدد كبير من أنصار الجماعة في تركيا. وفي ليبيا، فإن مصر متحالفة بشكل أوثق مع حفتر، وهو ما يعني أن القاهرة وأنقرة على طرفي نقيض فيما يتعلق بالاتفاق البحري.

أما إسرائيل فهي أكثر حذرا إزاء الخطوة التركية-الليبية. ويشير محللون إلى أن أحد أسباب ذلك هو أنه إذا أصبح خط الأنابيب بين إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا غير قابل للتنفيذ، فإنها قد تضطر للبحث عن سبل لتصدير الغاز عبر تركيا بدلا منه. ورغم توتر العلاقات بين إسرائيل وتركيا في السنوات القلية الماضية، ما زال التبادل التجاري قويا وتعتبر كل منهما الأخرى شريكا استراتيجيا. وسترسل إسرائيل قريبا بعض الغاز إلى مصر لتحويله إلى غاز طبيعي مسال من أجل إعادة تصديره، ولذلك فإنها تعتمد بشكل أقل على اليونان وقبرص.

وروسيا قطعة أخرى في الأحجية. ففي حين أنها على خلاف مع تركيا بشأن سوريا، فإن البلدين ينسقان فيما يتعلق بسياسات الطاقة وموسكو حريصة على أن تكون تركيا نقطة عبور لإمدادات الطاقة. لكن الاتفاق بين تركيا وليبيا يضعهما أيضا على طرفي نقيض في ليبيا، حيث تميل روسيا إلى جانب حفتر. وستناقش روسيا وتركيا الدعم العسكري لليبيا في قمة الشهر المقبل.

ح.ز/ م.س (د.ب.أ، رويترز، أ.ف.ب)