ألمانيا: الجالية التركية ترفع شكوى لدى الأمم المتحدة بتهمة التمييز
١٤ سبتمبر ٢٠١٢ألغت أربع منظمات إسلامية مؤخرا ما يسمى بـ"الشراكة الأمنية" مع وزارة الداخلية الألمانية احتجاجا على حملة ملصقات مثيرة للجدل. واتهمت المنظمات الإسلامية وزير الداخلية الألماني هانس بيتر فريدريش بأن حملة الملصقات هذه تضع كل المسلمين في موضع عام للشبهات. وتهدف الحملة، حسب وزارة الداخلية إلى مكافحة التطرف بين الشباب المسلمين، ويشبه مضمون الملصقات إعلانات البحث عن مفقودين. وانتقد حزب الخضر الألماني المعارض والهيئة الاتحادية لمكافحة التمييز الحملة.
وقال رئيس حزب الخضر، تشيم أوزدمير "أتفهم رد فعل تلك المنظمات. مبدئيا أعتقد بأن الموضوع مطروح، ويجب علينا القول إنه من الضروري الاعتناء بأولائك الشباب الذين ينحرفون ويسقطون في أيدي متطرفين ... الموضوع له ما يبرره لكن أسلوب المعالجة خاطئ وغير مهني وغير مدروس، وذلك للأسف على غرار الكثير من القضايا الصادرة عن وزارة الداخلية"
وتحمل تلك الملصقات دعاية لمراكز استشارية يمكن أن يتوجه إليها المواطنون في حال رصدهم في محيطهم الاجتماعي بوادر لتطرف إسلامي. وُكتب على إحدى تلك الملصقات على سبيل المثال: "هذا ابننا، ونحن نشتاق إليه لأننا لم نعد نعرفه.. نخشى أن نفقده تماما لدى متطرفين دينيين وجماعات إرهابية". وسبق لرئيس حزب الخضر، تشيم أوزدمير أن صرح لوكالة الأنباء الألمانية في هذا السياق قائلا: "يتعين في الواقع عمل ملصق مكتوب عليه: وزير داخلية يستطيع القيام بعمله .. مفقود. وزير داخلية لديه الكياسة الضرورية لمكافحة التطرف الإسلامي بالتعاون مع المسلمين في ألمانيا ..مفقود".
"حملة الملصقات مهينة للمسلمين"
وقد وجهت المنظمات الإسلامية في بيانها انتقادا عاما للشراكة الأمنية مع وزارة الداخلية التي بدأت قبل نحو عام، وجاء في البيان:"الأسلوب الذي تتعامل به الوزارة يضعنا دائما أمام الأمر الواقع ويؤدي إلى نقاشات هدامة بدلا من حلول بناءة".
وكان وزير الداخلية الألماني فريدريش قد دعا في حزيران/يونيو عام 2011 إلى ما يسمى بـ"شراكة أمنية" مع المسلمين في ألمانيا في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة الألمانية للتصدي للتطرف.
والمنظمات الإسلامية الأربع التي ألغت الشراكة الأمنية مع الداخلية الألمانية، هي: المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا والاتحاد الإسلامي التركي ورابطة المراكز الثقافية الإسلامية والجمعية الإسلامية للبوسنيين في ألمانيا.
واعتبر الكثير من المسلمين حملة الملصقات التي تعتزم وزارة الداخلية الترويج لها مهينة. وستعرض الملصقات في الحملة الجديدة التي تظهر أربعة أشخاص مفترضين هم "حسن" و"فاطمة" والألماني "تيم" الذي اعتنق الإسلام و"احمد" باللغات العربية والتركية والألمانية في المدن الكبرى التي يوجد بها عدد كبير من المهاجرين اعتبارا من 21 سبتمبر أيلول الجاري.
الاستخبارات والداخلية ليست هي المحاور السليم
ويجدر الإشارة إلى أن "مركز الاستشارة حول التطرف" الذي تأسس في مطلع السنة الجارية بمدينة نورنبيرغ لتلقي البلاغات المحتملة عن رصد بوادر تطرف لم يتلقى اتصالات ُتذكر إلى حد الآن، الأمر الذي يدفع بالكثيرين الى الجزم بأن هذه الحملة فاشلة في مهدها. وفي هذا السياق أوضح تشيم أوزدمير رئيس حزب الخضر قائلا:"هذه النتيجة تشبه إلى حد ما برامج جهاز الاستخبارات الداخلية الخاصة بأولائك الذين يبتعدون عن أوساط اليمين المتطرف. هنا نلاحظ أن الدولة مغلوبة على أمرها بعض الشيء فيما يخص الكفاءة، فموظفو جهاز الاستخبارات ووزارة الداخلية ربما ليسوا هم الأشخاص الذين يتوفرون على المعرفة المطلوبة في مجال التربية الاجتماعية، وليس لديهم ببساطة الكفاءة المهنية للتعامل مع هذه الموضوعات الشائكة".
ويخشى المنتقدون أن تغذي هذه الحملة تلك التصورات النمطية الرائجة في المجتمع الألماني عن المسلمين. وقال ايدن اويزوجوز وهو عضو ألماني من أصل تركي بالبرلمان ومفوض شؤون الاندماج بالحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض : "ينظر إلى المسلمين دائما باعتبارهم تهديدا محتملا. هذه قضية هامة جدا، لكنها تهدد بتنفير طائفة دينية بأكملها."
الجالية التركية ترفع شكوى إلى الأمم المتحدة بسبب التمييز
وتزعم وزارة الداخلية أن الحملة وضعت بمساعدة منظمات إسلامية في إطار مبادرة أفضل لتحسين العلاقات بين الأجهزة الأمنية والجالية المسلمة. لكن أربعة من بين المنظمات الست التي شاركت في مبادرة بناء الثقة سحبت دعمها لذلك. وقالت المنظمات في بيان مشترك "الربط الدائم بين الإسلام وقضايا العنف والسياسة الأمنية ليس من شأنه إلا أن يؤدي إلى مفاهيم زائفة."
وزاد انعدام الثقة بين السكان المهاجرين في ألمانيا بعد فشل السلطات الألمانية في التعامل مع سلسلة اغتيالات نفذها نازيون جدد ضد أصحاب محلات أغلبهم أتراك. وأبلغت السلطات أسر الضحايا على مدى سنوات أن عمليات القتل كانت نتيجة تسوية حسابات بين عصابات الجريمة المنظمة.
وأعربت الجالية التركية في ألمانيا عن استيائها من حملة ملصقات وزارة الداخلية الألمانية، مؤكدة في رسالة الى للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنميةأنها "تستشعر" من الحملة تمييزا ضد المسلمين. وبعثت رابطة الجالية التركية رسالة إلى المنظمتين، جاء فيها: "إننا نشعر بالقلق من أن تتسبب حملة الملصقات تلك في وصم المسلمين في ألمانيا لدى غالبية السكان والتنديد بهم وتعزيز الأحكام المسبقة ضدهم".