1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأزمة بين السعودية وكندا – الصمت الغربي لصالح من؟

٨ أغسطس ٢٠١٨

رفضت الرياض أي وساطة لحل الخلاف الدبلوماسي بينها وبين أوتاوا، بل هددت باتخاذ مزيد من الإجراءات ضدها، في وقت نأت فيه كل من واشنطن وبروكسل بنفسيهما عن الأزمة وطالبا الطرفين بحل الخلاف بينهما. فما السر وراء هذا الصمت؟

https://p.dw.com/p/32qXw
Kanadische Außenministerin Chrystia Freeland
وزير خارجية كندا كريستيا فريلاندصورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press

الإعلام السعودي يكتشف "سجناء رأي" في كندا!

تزداد حدة الأزمة بين السعودية وكندا، فبعد ساعات من إعلان الرياض طرد السفير الكندي، أكدت أوتاوا بشكل واضح على الأسس التي تقوم عليها سياستها الخارجية منذ وصول رئيس الوزراء جاستن ترودو إلى السلطة عام 2015، فهي لا تساوم على "القيم" الإنسانية والتقدمية، ولو كلفها الأمر أزمة دبلوماسية.

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد انتقد دعوة كندا للإفراج عن نشطاء من المجتمع المدني باعتباره موقفا مبنيا على "معلومات مضللة". واستدعت السعودية الأحد سفيرها لدى كندا وجمدت العلاقات التجارية والاستثمارية الجديدة وطردت السفير الكندي.

ما يثير الانتباه، في ظل ازدياده وثيرة هذه الأزمة، سرعة القرارات التي اتخذتها الرياض بشأن تعليق الرحلات الجوية وسحب الطلبة وتوقيف جميع برامج العلاج في كندا. بالإضافة إلى ورود بعض ردود الفعل المتضامنة مع الرياض، كان أخرها الرد المصري الذي عبر عن رفضه لأي تدخل في الشأن الداخلي السعودي، وكذلكم فعلت قبلها عدة دول من بينها البحرين والإمارات وموريتانيا.

لكن، أين هو التضامن الغربي مع كندا؟ خاصة وأن أصل الأزمة يتمثل في الدفاع عن "القيم" الإنسانية بما فيها حقوق الإنسان، كما تقول أوتاوا، وهي نفس القيم التي يرفعها الغرب في كل مناسبة. أليس أضعف الإيمان أن تقوم تلك الدول بإعادة نشر التغريدة الكندية، تعبيرا عن تضامنها مع أوتاوا؟ وهو التساؤل الذي طرحته صحيفة "Neue Zürcher Zeitung" في عددها الصادر اليوم.

بيانات للنأي بالنفس!

لقد نأت الولايات المتحدة الأمريكية بنفسها عن التدخل في الأزمة القائمة بين السعودية وكندا، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناورت "ينبغي للجانبين أن يحلا ذلك بالوسائل الدبلوماسية. لا يمكننا فعل ذلك نيابة عنهما، ويتعين عليهما حل ذلك معا". ما يعني أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بتقريب وجهات النظر بين الطرفين، الأمر الذي ربطه المحلل السياسي الألماني والمختص في شؤون الشرق الأوسط دانييل غيرلاخ ببرودة العلاقة الثنائية بين رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وترامب، والتقارب الحاصل بين الأخير وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وأضاف غيرلاخ: " تعتقد القيادة السعودية أنها ستثير إعجاب البيت الأبيض من خلال رد فعلها المتشدد حيال الحكومة الكندية، خاصة وأن ترامب لا يحظى باحترام كبير لزميله الكندي، الأمر الذي دفع بالرئيس الأمريكي إلى عدم تقديم الدعم لكندا في الأزمة القائمة بينها وبين السعودية".

لكن ما يثير الاستغراب في موقف الدول الغربية من الأزمة هو صمت الكثير من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا. حتى أن موقف ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فريديريكا موغيريني، جاء مشابها إلى حد كبير مع الرد الأمريكي، حيث قالت موغيريني في بيان: "وفقا للأعراف الدبلوماسية، نحن لن نعلق على العلاقات الثنائية بين البلدين، فهذا شأن لا يعنينا بل هو مرتبط بالبلدين المعنيين".

ويؤكد الصحفي والمحلل السياسي الألماني غيرلاخ أن "السعوديين يريدون إرسال رسالة للغرب مفادها: لن نسكت على من يضع نظامنا وقضاءنا وسيادتنا محل تساؤل. لقد رأينا دولًا أخرى، مثل تركيا ، نجحت وبشكل كبير في الضغط وبنفس الطريقة على الدول الغربية". ويعود ذلك بحسب رأيه إلى تراجع التنسيق بين هذه الدول.

قطع للعلاقات.. فمن المتضرر − السعودية أم كندا؟

أولوية الأولويات

يتّفق خبراء في السياسة الخليجية على أن الإجراءات السعودية تجاه كندا ردة فعل مبالغ فيها من قبل المملكة التي دائما ما تتعرض لانتقادات بشأن سجلها الحقوقي، إلا انهم يرون فيها محاولة جديدة من قبل الرياض لاستخدام نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في قمع أي انتقاد خارجي.

وهذه ليست أول مرة تقوم فيها السعودية برد كهذا، ففي 2015 صعدت الرياض خطابها تجاه ستوكهولم، بعد أن انتقدت الأخيرة سجل حقوق الإنسان في المملكة، على خلفية قضية المدون رائف بدوي. كما توترت العلاقات مع ألمانيا في نهاية 2017 بعد التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل أنداك على خلفية ما قيل إنه "احتجاز" لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في الرياض ومقاطعة قطر.

ومما هو ملاحظ من خلال هذه الأزمات فإن السعودية تستخدم دائما ورقة العلاقات التجارية والاستثمارات في الضغط على منتقديها. ففي الأزمة الحالية مع كندا فإن أهم صفقة تجارية بين البلدين باتت محل تساؤل، وهي الصفقة الموقع في عام 2014 والتي قيمتها 15 مليار دولار تورد بموجبها كندا آليات مدرعة إلى السعودية. وبالرغم من ذلك فإن أوتاوا ا أكدت أن أولوية سياستها الخارجية هي الدفاع عن "القيم الإنسانية" وحقوق الإنسان. 

هذه "القيم"، التي تراجعت مكانتها لدى الجارة الجنوبية، أي الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب المحلل دانييل غيرلاخ الذي يرى أن "أولوية الإدارة الأمريكية الحالية تكمن في تطوير التعاون الاقتصادي والعسكري مع السعودية، هذا ما يعني أن تدخل إدارة ترامب للدفاع عن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان ليست ذو أهمية بالنسبة لها". لكن ماذا عن الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا التي وصفت مستشارتها ميركل بالمدافعة عن "قيم" الديموقراطية وحقوق الإنسان؟.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات