1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علاء الأسواني: حتى لا نكرر أخطاء ثورة يناير

علاء الأسواني
٢٤ سبتمبر ٢٠١٩

في مقاله* لـDW عربية يكتب علاء الأسواني "حتى لا نكرر أخطاء ثورة يناير".

https://p.dw.com/p/3Q8ds
Kolumnisten Al-Aswani
صورة من: Imago/El Mundo

فليفعل نظام السيسي ما يشاء لكن مصر بعد انتفاضة 20 سبتمبر لن تعود أبدا كما كانت قبلها. لقد أقام السيسي أسوأ ماكينة قمع في تاريخ مصر الحديث. ان مجرد مشاركتك في وقفة احتجاجية سلمية لبضع دقائق  يؤدي إلى القائك في السجن سنوات.

في مصر أكثر من 60 ألف معتقل يتعرضون للضرب والتعذيب والإهمال الطبي حتى الموت. في ظل هذا القمع الرهيب وصلت ثقة السيسي بقوته إلى درجة جعلته يصرح بأنه سيستمر في بناء القصور الرئاسية الفخمة برغم الديون الخرافية التي تعاني منها الدولة المصرية، وبرغم معاناة معظم المصريين من الفقر والغلاء.

كان السيسي يعتقد أنه يستطيع أن يفعل بالمصريين ما يشاء بغير أن يجرؤ أحدهم على الاعتراض. فجأة  انكسر حاجز الخوف وتدفق آلاف المتظاهرين في القاهرة والاسكندرية ودمياط والمحلة والمنصورة ومرسي مطروح ومدن أخرى. كان مطلبهم الوحيد أن يتنحى السيسي فورا عن حكم مصر. بدأت حملة اعتقالات لمئات المتظاهرين وتخبط اعلاميو النظام في أكاذيبهم - بناء على تعليمات المخابرات -  فتارة يزعمون أن المظاهرات لم تحدث أساسا وأن الفيديوهات التي تصور المتظاهرين مصطنعة وتارة أخرى يطالبون بتوقيع أقصى عقوبة على المعتقلين خلال المظاهرات التي يقولون انها لم تحدث.

في النهاية عجزت كل هذه الأكاذيب عن إخفاء الحقيقة: لقد بدأت موجة ثورية جديدة في مصر ولابد في رأيي أن نستوعب الأخطاء التي ارتكبناها خلال ثورة يناير حتى تحقق الثورة أهدافها: 

أولا: استمر حتى انجاز المهمة بالكامل                       

-------------------------------------                     

كان الخطأ الذي ارتكبه الثوار في يناير أنهم تركوا الميادين مبكرا. كانوا واثقين بقدرتهم على العودة إلى الشارع في أي لحظة، وفاتَهم آنذاك أن الثورة المضادة لن تترك لهم الفرصة بل ستعمل بكل إمكاناتها الضخمة على إضعافهم وقمعهم وتشويههم أمام الرأي العام حتى يفقدوا تأثيرهم.

هذه المرة يجب أن ندرك أن قوتنا مرهونة بوجودنا في الشارع وأن الحماية الوحيدة للمتظاهرين ستتحقق بأعدادهم الكبيرة فالنظام قادر على قمع خمسمائة متظاهر لكنه لن يستطيع أبدا السيطرة على مائة ألف متظاهر.

ثانيا: لا تستمع الى المنهزمين ولاعبي خط الوسط             

------------------------------------------------             

منذ الأيام الأولى لثورة يناير كان هناك من يسألنا: ما نهاية كل هذا الاعتصام؟ أنتم تحلمون .. كيف ستجبرون مبارك على التنحي في ظل دعم الجيش والشرطة له؟ هؤلاء المنهزمون معنويا خطر على أي ثورة لأنهم يصدرون الإحباط للناس ويشككونهم في قدراتهم. فئة أخرى لاتقل خطورة على الثورة أسميهم "لاعبو خط الوسط". هؤلاء يتأرجحون دائما في مواقفهم بين دعم الثورة ومساندة النظام حتى يفوزوا في النهاية مع الطرف الفائز. مجموعة من الشخصيات العامة تحركهم مطامعهم الشخصية ستجدهم الآن يكتبون جملا مطاطة يمكن قراءتها من اليمين أو اليسار فهي تصلح للتفسير في صالح الثورة أو النظام. لقد تسلل هؤلاء إلى الصفوف الأولى من ثورة يناير بعد نجاحها وأدى وجودهم إلى مشاكل كبيرة دفع ثمنها الثوار. 

ثالثا: انتخب قائدك الآن                                      
---------------------------                                  

من أخطاء ثوار ينايرأنهم قاموا بإلغاء ائتلاف شباب الثورة ولم ينتخبوا قيادة لهم. لن تنتصر الثورة بدون قيادة من الشباب المنتخبين يتحدثون باسمها ويستطيعون حشد الناس في الشارع اذا تعرضت الثورة للخطر.. 

رابعا: لا تتعفف عن السلطة                     

------------------------------                  

ناضل ثوار يناير حتى خلعوا حسني مبارك ثم تعففوا بعد ذلك عن طلب السلطة فوقعت في أيدي قوى أخرى مضادة للثورة. إن التاريخ يعلمنا أن الثورة - مهما تكن قوتها - اذا لم تصل إلى السلطة فانها تنتحر عمليا لأنها لن تصل إلى أهدافها أبدا بل وستتعرض غالبا إلى القمع والتنكيل. الثورة يجب أن تصل إلى السلطة تماما كما فعل أشقاؤنا الثوار في السودان عندما اشترطوا وجودهم في مجلس الحكم حتى اجراء الانتخابات.

   خامسا: ثق بنفسك وتخلص من أيقوناتك                           

-------------------------------------------                        

خلال ثورة يناير سمعنا لأول مرة عن "أيقونة الثورة" وهو مصطلح يقدس الاشخاص تماما مثلما تقدس أنظمة الاستبداد الديكتاتور باعتباره "رمز الوطن". إن تقديس من اعتبرناهم أيقونات الثورة خطأ دفعنا ثمنه غاليا. بعض هؤلاء الأيقونات انقلبوا على الثورة أو انحرفوا عن مبادئها فأصبحت أفعالهم السيئة محسوبة على الثورة، وقد حدث أكثر من مرة أن تعلق مصير الثورة بشخص اعتبرناه أيقونة فاذا به يتردد ويخاف ويتراجع وقد دفعنا جميعا ثمن تخاذله. علينا إذن هذه المرة أن نتخلص من الأيقونات. لتكن أيقونة الثورة  فقط هي أهدافها. إذا كنا نطالب بالديمقراطية فلنبدأ بأنفسنا. ننتخب قادتنا ونحاسبهم حتى نعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال.

سادسا: ارفض الحلول الوسط                      

------------------------------                      

الثورة بطبيعتها تغيير جذري يهدم النظام القديم ليبنى نظاما جديدا. لقد أخطأنا بعد ثورة يناير عندما قبلنا مجموعة من الحلول الوسط أدت في النهاية إلى إضعاف الثورة وتشويه سمعتها والتنكيل بها. يجب أن ندرك أن صراعنا ضد النظام القديم هو صراع وجود بكل معنى الكلمة. نحن ندافع عن حقنا في الحرية والعدل وهم يدافعون عن ثرواتهم وامتيازاتهم وحياتهم المرفهة وهم يعلمون أننا لو انتصرنا فلسوف يحاكمون على المال الذي نهبوه من الشعب. علينا إذن ألا نقبل بأي حل وسط. مطالب الثورة يجب أن تتحقق بالكامل لأننا في اللحظة التي نقبل فيها أقل من مطالبنا ستتبدد فرصتنا في تحقيق المطالب كلها. 

 

الديمقراطية هي الحل

draswany57@yahoo.com

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد