1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تدخل تركيا عسكريا في ليبيا ـ حسابات الربح والخسارة

٣ يناير ٢٠٢٠

كانت موافقة البرلمان التركي على طلب أردوغان في تنفيذ مهمة عسكرية في ليبيا، شكلية وذلك للأغلبية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية، لكن السؤال يبقى مطروحا: ما مكاسب أنقرة من التدخل في ليبيا؟ وماهي العواقب المحتملة؟

https://p.dw.com/p/3VhD8
هل ستتدخل تركيا بكل ثقلها العسكري في ليبيا؟
هل ستتدخل تركيا بكل ثقلها العسكري في ليبيا؟صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman

وافق البرلمان التركي الخميس (الثاني من كانون ثاني/يناير 2020) على مذكرة الرئيس رجب طيب أردوغان التي تتيح إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا دعماً لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس التي تتعرض لهجوم من القوات الموالية للمشير خليفة حفتر.

وإذا كانت أنقرة تنوي بذلك مساعدة حليف تحتاجه في سياق دعم مطالباتها في التنقيب عن الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط، فإنّ انتشارا عسكريا ميدانيا، لم يتم الإعلان عن حجمه بعد، سيكون محفوفاً بالمخاطر، وفق خبراء.

الهدف ضبابي المعالم

تؤكد أنقرة أنّ حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة طلبت منها دعما عسكريا "بريا وبحريا وجويا" بغية وضع حد لهجوم المشير خليفة حفتر. وهذا هو الجواب الرسمي الذي تقدمه أنقرة عند السؤال عن هدفها في نشاط عسكري في شمال افريقيا.

لكن المحلل في مكتب "آي. اتش. اس. ماركيت" إيغه ستشكين يعتبر أنّ حكومة الوفاق الوطني تطلب تدخلا تركياً "واسع النطاق" من شأنه "تغيير مسار الحرب" في وقت أنّ قوات حفتر المدعومة من دولة الإمارات ومصر وربما من موسكو وبعض الدول الغربية، تقف عند أبواب طرابلس. ويرى ستشكين أنّه في حالة كهذه، يمكن للدعم أن يأخذ شكل إرسال "لواء عسكري يحوز على مقاتلات "اف-16" وقوات بحرية لحماية طرابلس من الهجمات البحرية، وهذا يعني قوات من نحو 3 آلاف عنصر".

غير أنّ سنان أولغن وهو دبلوماسي تركي سابق يدير مركز "آدام" للأبحاث في اسطنبول، يرى أن "الهدف السياسي لتركيا ليس دعم حكومة طرابلس لكسب الحرب"، ولكن "لمساعدتها على البقاء". لهذه الغاية، فإنّه يتوقع أن يتم في المرحلة الأولى نشر "مستشارين مهمتهم دعم القوات في طرابلس"، ولكنّه يشير في الوقت نفسه إلى أنّ ذلك "لن يكون كافيا".

تدخل تركيا في عدة دول في المنطقة

يشار إلى أن تركيا قامت بعدة عمليات في السنوات الماضية في دول مجاورة، خصوصا في سوريا والعراق، بهدف محاربة مقاتلين أكراد وجهاديين كما تقول. ولكن في الحالة الليبية، فإنّ تركيا لا تتقاسم حدودا برية مع ليبيا الواقعة على مسافة 1500 كلم، ما يطرح عدة إشكالات لوجستية لبلد قد يعاني من ضعف على مستوى قدراته في توسيع نطاق الأعمال العسكرية. ويقول أولغن إنّ "التحدي الأول يتمثل في إمداد القوات"، فيما يتمثل الثاني في "تحقيق التفوق الجوي" الضروري للتحكم بميادين القتال.

ومن جانبه، يرى ستشكين أنّ "المسألة الرئيسية هي في موقفي الجزائر وتونس" إذ من شأن حدودهما مع ليبيا أن تشكّلا بابا للدخول إلى الأراضي الليبية. وقام أردوغان في نهاية كانون الأول/ديسمبر بزيارة مفاجئة إلى تونس "غير أنّ التصريحات التونسية الأولية أخذت وجهة الحياد. كذلك بالنسبة إلى الجزائر"، وفقا لستشكين.

لا يعدّ دعم أنقرة لحكومة الوفاق الوطني جديداً، غير أنّ التعهد بإمكانية التدخل العسكري يأتي في الوقت الذي تعاني فيه القوات الموالية لهذه الحكومة من صعوبات في مواجهة قوات حفتر. وتحتاج أنقرة إلى بقاء هذه الحكومة التي وقّعت معها في تشرين الثاني/نوفمبر اتفاقا بحريا مثيرا للجدل، إذ يتيح للسلطات التركية التمسك بمطالب سيادتها على مساحات في شرق المتوسط الغني بموارد الطاقة. ويعدّ هذا الاتفاق الورقة الرئيسة التي أصبحت في جعبة أنقرة في مواجهة دول متوسطية أخرى مثل قبرص واليونان ومصر وإسرائيل.

تدخل وفق مبدأ رابح ـ رابح؟

وتنظر جنى جبور من معهد العلوم السياسية في باريس والمتخصصة في السياسة الخارجية التركية، إلى أنّ الأمر بمثابة "لعبة رابح-رابح: حكومة الوفاق الوطني تحوز على الدعم السياسي والعسكري التركي، وفي المقابل تساعد تركيا على تحقيق أهدافها في ملف الطاقة". كما ترغب أنقرة في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في ليبيا، خاصة في قطاع البناء، إذ ستكون مهددة في حال انتصار حفتر.

ويرى ستشكين أنّ من شأن تدخل في ليبيا أن يمثّل أيضا مكسبا لأردوغان على الصعيد السياسي عبر حشد قاعدته الانتخابية حوله في وقت تشهد تركيا صعوبات اقتصادية.

وبعيداً عن مخاطر الانزلاق في مستنقع ليبي، كما تشير المعارضة التركية، فإنّ عدة دول تخشى تصعيد الأوضاع في ليبيا. وقد يؤدي التدخل أيضاً إلى تصعيد التوتر مع السعودية ودولة الإمارات ومصر، خاصة أنّ علاقات تركيا مع هذه الدول تدهورت في السنوات الأخيرة.

أردوغان يخاطر بمواجهة عسكرية مع صديقه بوتين

غير أنّ الخطر الأساسي يكمن في حصول صدام مع موسكو. فحتى إذا كانت روسيا تنفي وجود مرتزقة من مواطنيها يقاتلون إلى جانب قوات حفتر، فإنّ مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة وتركيا يشيران إلى وجود هؤلاء. وقد تؤدي اشتباكات بين قوات تركية ومرتزقة روس مفترضين، إلى عودة التوتر بين تركيا وروسيا اللتين تجاوزتا في 2015 أزمة دبلوماسية خطيرة للتقارب والتعاون في سوريا.

ولكن يمكن لأردوغان أن يعوّل برغم ذلك على علاقاته الجيدة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يقوم بزيارة إلى تركيا الأسبوع المقبل. وتقول جبور إنّ "الأتراك والروس أظهروا حتى الآن أنّه برغم التوتر والأزمات التي يمكن أن تشوب العلاقات بينهما، فإنّهما يعرفان كيفية تجنب المواجهة المباشرة".

وتشير التجربة السورية في السنوات الأخيرة إلى إمكانية تعايش أردوغان مع نظيره الروسي بلطف ومودة رغم تناقض مواقف دواتيهما العسكرية في سوريا، خصوصا في محافظة إدلب، حيث يدعم أردوغان أنصاره من الإسلاميين في المحافظة المحاصرة، فيما تقصف طائرات صديقه الودود بوتين مواقع المعارضة الإسلامية الواحدة تلو الأخرى.

غضب وقلق أوروبي

كما من المحتمل أن يساهم تدخل عسكري تركي في ليبيا في زيادة التوتر بين أنقرة وعواصم أوروبية مثل باريس وبرلين ولندن. جدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون عبر الجمعة عن قلقه من "مخاطر التصعيد" في ليبيا "المرتبطة بتزايد التدخلات العسكرية الأجنبية"، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية غداة سماح برلمان أنقرة بنشر قوات تركية في ليبيا. وأضاف البيان أن الرئيس الفرنسي وخلال محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "ندد بوضوح بالاتفاقات الموقعة مؤخرا" من حكومة فائز السراج "بشأن القضايا البحرية والأمنية"، في إشارة إلى اتفاقات وقعتها في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2019 حكومة الوفاق الوطني بطرابلس مع تركيا بشأن الحدود بين البلدين، إضافة إلى "كافة القرارات التي تؤدي إلى تصعيد".

في غضون ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة عن "قلقه البالغ" بشأن قرار تركيا بالتدخل عسكريا في الحرب الأهلية المتصاعدة في ليبيا، ويأتي هذا التحذير إضافة إلى  تحذيرات مشابهة أعربت عنها الولايات المتحدة وروسيا ومصر.

ح.ع.ح/ع.ج.م(أ.ف.ب/د.ب.أ)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد