1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دول عربية تستغل أزمة كورونا لقمع الحريات؟

محي الدين حسين
٢٥ يونيو ٢٠٢٠

في الآونة الأخيرة ازدادت وتيرة ملاحقة واعتقال ناشطين وصحفيين في بلدان عربية، أبرزها مصر والمغرب والجزائر، وهذا ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت السلطات تستغل أزمة كورونا للتضييق على الحريات.

https://p.dw.com/p/3eKVx
صورة رمزية لتقييد الحريات الصحفية
يرى خبراء أن دولاً عربية تستغل أزمة كورونا لاعتقال الناشطين والصحفيينصورة من: Getty Images/C. Court

"نشر شائعات حول تردي الأوضاع الصحية بالبلاد وتفشي فيروس كورونا في السجون"، هذه تهمة وجهتها السلطات المصرية للناشطة سناء سيف، شقيقة الناشط البارز علاء عبدالفتاح، عندما تم توقيفها قبل يومين. ورغم أن عائلة الناشطة "عانت من مضايقات وترهيب على مدى سنوات"، بحسب منظمة العفو الدولية، غير أن هذه الممارسات بلغت "ذروة جديدة" في اليومين الماضيين، بحسب المنظمة التي أدانت اعتقالها.
 

وبعد يوم واحد من توقيف سناء سيف، اعتقلت السلطات المصرية الصحفية نورا يونس، رئيسة تحرير موقع "المنصة" الإخباري الذي تم حجبه داخل مصر عدة مرات بتهم "نشر أخبار كاذبة وترويج الشائعات".


ملاحقة الناشطين والصحفيين في زمن تفشي فيروس كورونا وبتهم مختلفة، منها ما يتعلق بنشر أخبار كاذبة تتعلق بالأزمة، تثير تساؤلات حول ما إذا كانت السلطات في دول عربية تستغل ظروف الحجر للتضييق على المعارضين والمنتقدين، خصوصاً وأنها بعضها أقرت قوانين جديدة في ظل الأزمة الصحية تثير انتقادات من الجمعيات الحقوقية.


 ويرى الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، عمرو مجدي، أن الحكومة المصرية تستغل أزمة كورونا "لمواصلة القمع" في مصر، ويضيف في حديث لـ DW: "النظام المصري يشعر بعدم الأمان لأن الأجهزة الأمنية تعرف أن هناك بيئة ناضجة للاحتجاجات بسبب تداعيات الأزمة ولذلك فهم يحاولون منع حتى أصغر الانتقادات قبل أن تكبر".
أما الحقوقي المصري جمال عيد فيعتقد أن "النظام يريد إرسال رسالة"، ويضيف في حديث لـ DW: "رسالته هي أنه لا أحد فوق الاعتقال بحيث يصبح الشعار: السجن في مصر، أقرب إليك من عروقك!". وبحسب المنظمات غير الحكومة، فإن في مصر نحو 60 ألف سجين سياسي، وهو ما تنفيه السلطات المصرية. ولطالما دعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج "الفوري وغير المشروط" عن سجناء الرأي.


من جانبه، يعتقد المحلل السياسي التونسي، صلاح الدين الجورشي، أن ملاحقة الناشطين والصحفيين في ظل أزمة كورونا ليست "أمراً مفاجئاً"، ويضيف المسؤول السابق في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان لـ DWعربية: "بالنسبة للحكومات العربية فإن كل أنواع الأزمات، سواء أكانت أزمة كورونا أم غيرها، صالحة لاستغلالها من أجل كم أفواه الصحفيين"، ويتابع: "هذا ليس أمراً مفاجئاً بل سياسة  مألوفة تتبعها هذه الحكومات منذ عشرات السنين".

 

"تعددت التهم والغاية واحدة!"
مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أكدت من جهتها أن بعض الحكومات تستخدم قوانين الطوارئ التي فرضت بسبب أزمة كورونا "لسحق المعارضة والسيطرة على الناس وحتى إطالة فترة بقائها في السلطة". ومن هذه الدول المغرب بحسب مسؤولة أخرى في المفوضية.
فما عدا اعتقال مئات الأشخاص، بينهم ناشطون، بتهمة "نشر أخبار زائفة" عن كورونا، تلاحق السلطات المغربية نشطاء وصحفيين آخرين، لكن بتهم أخرى. ولعل قضية الصحفي عمر الراضي التي تثير جدلاً واسعاً في المغرب هي أحدث هذه القضايا، فبعد إدانته بتهمة "المس بالقضاء" في آذار/ مارس الماضي بسبب نشر تغريدة على تويتر يتنقد فيها الأحكام الصادرة بحق نشطاء "حراك الريف"، يخضع الراضي اليوم للتحقيق بتهمة "الحصول على تمويلات من الخارج لها علاقات بجهات استخبارية"، كما أعلنت النيابة العامة أمس الأربعاء. ويأتي إعلان النيابة العامة بعد يومين من نشر منظمة العفو الدولية تقريراً يقول إن السلطات المغربية استخدمت البرنامج المعلوماتي "بيغاسوس" التابع للمجموعة الإسرائيلية "إن إس أو" للتكنولوجيا من أجل التجسس على الهاتف المحمول للراضي.

لكن المغرب أكد على لسان بعثته الدبلوماسية في جنيف أن الإجراءات التي طبقها لاحتواء فيروس كورونا تتماشي مع "سيادة القانون في احترام كامل لحقوق الإنسان".

ويرى الجورشي أن التهم الكثيرة والمختلفة التي توجهها حكومات عربية للناشطين والصحفيين هي دليل على أن الغاية الأساسية السلطات هي "التضييق عليهم ومنعهم من الوصول إلى مصادر المعلومات بشتى الوسائل"، ويضيف: "يتم تشويه سمعتهم واتهامهم بأنهم عملاء للخارج وأنهم يهددون الأمن القومي فقط لكي لا يتم الكشف عن المعلومات".

وكان الراضي قد تعاون مع العديد من وسائل الإعلام المغربية والدولية ونشر تحقيقات حول الاقتصاد الريعي. وفي العام 2016، كشف قضية بيع أراض بأسعار زهيدة لمسؤولين كبار، بينهم مستشارون للملك ووزراء.

 

التضامن للضغط على الحكومات
وقد حذّرت أكثر من 500 شخصية ومنظمة في أنحاء العالم من "التهديد" التي تمثله "بعض الحكومات" خلال الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد والذي يهدف إلى تعريض الديموقراطية للخطر، في رسالة مفتوحة نشرت اليوم.

ففي الجزائر ضاعفت السلطات في الأيام الأخيرة التوقيفات والمحاكمات بحق الناشطين في الحراك الشعبي، فقبل أسبوعين، تم استدعاء أكثر من 20 معارضًا للمحاكمة في سبع جلسات استماع منفصلة. وقرّر القضاء تأجيل معظم هذه المحاكمات بسبب الوباء.

وأكد سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن "السلطة استغلت الهدنة (خلال الحجر الصحي) لاعتقال أكبر عدد من الناشطين"، مشيراً إلى تسجيل نحو 200 اعتقال منذ بدء الحجر الصحي منتصف آذار/مارس. وأضاف صالحي لفرانس برس أنهم يحاكمون "بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي". وتستند معظم المحاكمات إلى قانون العقوبات الجديد، الذي تم تبنيه في أوائل أيار/مايو في خضم أزمة صحية وندد به المدافعون عن حقوق الإنسان.
 
ويعتقد صلاح الدين الجورشي أن المطلوب لحماية الناشطين والصحفيين، هو التضامن معهم على المستويين المحلي والعالمي، ويضيف: "المهم هو ترجمة عملية التضامن إلى مبادرات وحملات منظمة وموسعة على الصعيدين المحلي والعالمي للضغط على الحكومات التي لا تحترم الحريات لكي تتراجع عن ممارساتها وأخطائها"، ويختم: "الصحفيون والناشطون يقولون للسلطات أعطونا قدراً من الحرية وبعد ذلك حاسبونا!".

محيي الدين حسين

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات