1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد 10 سنوات.. ماذا تحقق من شعارات ثورة 25 يناير؟

٢٥ يناير ٢٠٢١

عشر سنوات مرت على اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر. شهدت البلاد خلالها تقلبات شديدة حتى استقر الحكم للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.. فأين أصبحت شعارات "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية" اليوم؟

https://p.dw.com/p/3oIlQ
مظاهرات في ميدان التحرير يوم 18 فبراير/ شباط 2011 عقب تنحي مبارك عن الحكم
آمال عريضة راودت من شاركوا في ثورة 25 يناير 2011.. فإلى أين انتهت آمالهم اليوم؟صورة من: picture-alliance/dpa

عشر سنوات مرت على اندلاع ثورة 25 يناير في مصر، والتي كانت أبرز شعاراتها "عيش (عمل ومصدر دخل كريم) حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية".

فأين اصبحت هذه الثورة الآن؟ وما الذي تحقق من شعاراتها؟ 

عيش .. وحياة كريمة

يقول الناشط المصري حسام الحملاوي إن "العيش" كان باستمرار ركناً أساسياً في العملية السياسية المصرية، مضيفاً أن "العيش هو ما فجر عدة انتفاضات خلال العقد الأخير، ولعلنا نذكر ماحدث في فبراير 2008 حين وقع نقص مريع في إمدادات القمح والدقيق للمخابز وكانت الناس تتقاتل في طوابير الخبز، فالعيش - والعدالة الاجتماعية بشكل عام - كان ركناً رئيسياً في الحراك السياسي الذي أدى في النهاية لتفجر ثورة يناير" بحسب ما قال خلال اتصال هاتفي مع DW عربية.

لكن الحملاوي الذي يقيم في برلين يرى أن "مصر اليوم تشهد ردة رهيبة في كافة المجالات وخصوصاً في الحريات"، مؤكداً أن هذا التراجع سببه هو أن "الثورات المضادة عندما تنتصر لا تعيد المجتمع إلى نقطة الصفر التي بدأت منها الثورة وحسب وإنما تنزل بالمجتمع إلى ما تحت الصفر، بالتالي فإن أي مطلب رفعته الثورة لو اختبرنا أين كان وكيف أصبح اليوم سنجد أنه في حالة تراجع هائل".

لكن رؤية الحملاوي تعارضها ما تنشره الدولة بشكل مستمر - على سبيل المثال - عن افتتاح آلاف المخابز وتوافر مخزون استراتيجي من القمح والسلع الأساسية، بل إن مصر في عام 2019 أمدت السودان بنحو 10 مخابز آلية كهدية، ما يشير إلى عدم وجود مشكلات في هذا القطاع.

 

من جانبه، يرى مجدي شندي الكاتب الصحفي ورئيس تحرير صحفية المشهد أن السنوات العشر الماضية "كانت سنوات صعبة لم يتحقق فيها شعار العيش بالشكل المأمول بسبب عدة عوامل وظروف داخلية وخارجية".

وقال شندي خلال حوار أجرته معه DW عربية أن "السلطة التي جاءت بعد 25 يناير كانت مهمومة بشكل أكبر بتأمين الدولة واستقرارها ومحاولة ضمان ألا يتكرر مشهد الخروج في 25 يناير".

ويرى شندي أن "المتغيرات العالمية المتمثلة في بطء التجارة ووباء كورونا كلها أمور تسببت في المزيد من المتاعب لشرائح من المصريين كان حالها ربما أفضل من ذلك منذ عشر سنوات، بالتالي فإن ما حدث ويحدث أضخم بكثير من قدرات الحكومة".

ويشير الكاتب الصحفي المصري إلى أن الدولة المصرية حققت عدداً من الإنجازات تندرج تحت هذا الشعار "فهناك معاشات الضمان الاجتماعي، وهناك مشروع تكافل وكرامة، وهناك محاولة لتطوير القرى، لكن إحساس المواطنين العام بمثل تلك الإنجازات قليل وربما يرجع ذلك إلى أن الثورات عادة ما يكون سقف أمالها وطموحاتها مرتفعاً للغاية، ما يرهق أي سلطة تأتي بعدها".

مؤخراً، خرج رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بتصريحات حول تراجع معدل الفقر في مصر لأول مرة منذ 20 سنة ليصل إلى 29.7٪ عام 2019/2020 مقابل 32.5٪ عام 2017/2018. لكن تصريحاته تتصادم مع ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر في يوليو 2019 عن ارتفاع معدلات الفقر في البلاد لتصل إلي 32.5 في المئة من عدد السكان، بنهاية العام المالي 2017/ 2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016.

الحرية

في ديسمبر الماضي أنتقد البرلمان الأوروبي "وضع حقوق الإنسان المتدهور في مصر" ودعا إلى "مراجعة متعمقة وشاملة لعلاقات الاتحاد مع القاهرة".

من جانبها قالت نظمة العفو الدولية، إن السجون المصرية تشهد ظروف حبس سيئة واتهامات بالتعذيب وتنفيذ إعدامات "بعد محاكمات غير عادلة". وفي مطلع كانون الأول/ديسمبر أدانت المنظمة ما وصفته بـ "موجة إعدامات محمومة" في مصر. كما أدانت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها السنوي لعام 2020 "القبضة القاسية للحكومة المتسلطة"، مشيرة الى أن "جائحة كوفيد-19 زادت ظروف الحبس، الفظيعة أصلا، سوءا".

 

من جانبها قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الانسان أنياس كالامار لوكالة فرانس برس "الربيع العربي في مصر كان قصيراً.. استخلص النظام أسوأ درس من الربيع العربي، وهو وأد أي تطلع إلى الحرية في المهد".

لكن النظام المصري ينفي أي "توقيفات اعتباطية" أو ممارسات تعذيب. وقالت وزارة الخارجية ردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن الموضوع، إن الحكومة "تعلّق أهمية قصوى على حرية الرأي والتعبير. لا يوجد سجناء سياسيون والتوقيفات مرتبطة فقط بأعمال تنتهك القانون الجنائي".

يقول حسام الحملاوي الناشط المصري إن "النخبة الحاكمة المصرية تعيش حالة انتقام غير محدود بسبب أنها في حالة ذعر بعد أن رأت لمدة 3 سنوات ركائز حكمها وثروتها ومصالحها وقد تهددت تماماً بل كان قطاع واسع منها على شفا المثول أمام المحاكم لينتهي به الحال في السجن. واليوم تعيش تلك الطبقة السياسية الحاكمة حالة بارانويا وذعر لا محدودين خوفاً من تكرار ما حدث في يناير 2011 ".

ويرى الحملاوي أنه "مع حالات القتل خارج إطار القانون والتوسع في إصدار أحكام الإعدام وأكثر من 60 ألف معتقل سياسي فإننا ولاشك في موقف أسوأ بكثير مما كانت عليه حالة الحريات قبل 25 يناير 2011".

أما الكاتب الصحفي مجدي شندي فيرى أن شعار "الحرية" تحقق جزئياً في عامين بعد 25 يناير، لكن وقعت أحداث عنف وإرهاب جعلا السلطة الحاكمة تعود إلى العصا الأمنية الغليظة للتصدي لهذا الإرهاب، كما كانت هناك ذريعة وفرها خطباء اعتصام رابعة العدوية والذين ربطوا بشكل غير واعي ما بين الإرهاب وأحداث سيناء وما بين خروجهم من السلطة".

ويضيف شندي أن مصر عانت من الإرهاب وعواقبه "ولا ننسى أن إسقاط طائرة روسية في سيناء تسبب في خسارة المليارات، ووجد المصريون أنفسهم أمام ميسليشات مسلحة، بالتالي تراجع خيار الدولة المدنية ولجأ الناس إلى من بيده السلاح ليحميهم ممن يحملون السلاح ويريدون أن يحكموا، كما كان هناك في بعض الفترات بالفعل مزاج شعبي يميل الى تقديم الأمن على الحرية، لكن حينما توسعت المسألة بدأ الناس يضيقون واستمر ذلك حتى قبل عام من الآن".

ويرى شندي أن العام الأخير شهد تقدماً في هذا المجال وأن السلطة تحاول تصويب بعض الخطوات والإفراج عن محبوسين وتقليل عدد من يتم حبسهم مجدداً، لكن يبقى ملف مثل الحبس الاحتياطي في حاجة إلى تصويب ونظرة أخرى، وأظن أن هناك رغبة في مراجعة السياسات القائمة وإحداث نوع من الإنفراج السياسي فيما يتعلق بملف الحبس بشكل عام ما لم تتلوث أيدي المحبوسين بالدماء أو يكونوا متورطين في قضايا إرهابية".

العدالة الاجتماعية

يدور حديث على شبكات التواصل الاجتماعي وحتى بعض المقالات لخبراء اجتماع واقتصاد عن فجوة ضخمة بين الطبقات الاجتماعية في مصر، وأن الطبقة الوسطى تتآكل بفعل عدم العدالة في توزيع الثروة، وأن مجموعة صغيرة يتركز في يدها المال والثروة. لكن النظام المصري يقول إن البلاد تشهد نهضة شاملة في كافة المجالات، فيما لا تركز المعارضة إلا على الحقوق السياسية وأن هناك من يحاول فرض نموذج غربي معين من الحريات على المجتمع  المصري.

ويرى الناشط المصري حسام الحملاوي أن "السيسي يتجه لمشروعات تسمى White Elephant Projects وهي مشروعات قومية ضخمة للغاية لها تأثير دعائي كبير قد تفيده هو ومجموعة من الجنرالات ورجال الأعمال المقربين، لكنها في الحقيقة مشروعات وهمية لا يصل أي أثر لها إلى المواطن". 

وبشكل ما يتفق الكاتب الصحفي مجدي شندي مع رؤية الحملاوي إذ يقول إن "الدولة المصرية بوظائفها القديمة تنحسر لصالح رؤية جديدة تماماً حيث جرى الاعتماد مؤخراً على اجتذاب رجال الأعمال للمشاركة في المشروعات الوطنية والقومية وبناء على ذلك أصبحوا هم أكبر المستفيدين من الفترة الحالية".

ويؤكد شندي على أن مسالة تحقيق العدالة الاجتماعية ليست فقط خاصة بتركز الثروة وإنما أيضاً في اتاحة فرص تولي الوظائف العامة ودخول كليات الشرطة والكليات العسكرية والقطاع القضائي، "ولا أرى أن الكثير قد تحقق في هذا الأمر"، مضيفاً أن "هناك حركة متسارعة لبناء مدن جديدة وبناء إسكان شعبي ومحاولة للقضاء على العشوائيات وهذا أمر محمود ويقلل من مسالة انتقاد بناء مدن جديدة وذكية وتشغيل قطارات فائقة السرعة، ونتنمى أن يحدث هذا في كافة المجالات حتى يشعر الناس أن هذه المشاريع لهم وليست لطبقة جديدة مستهدفة منها".

وماذا بعد؟

يرى حسام الحملاوي أن "هذا الانتقام وهذا السحق لكل ما يمثل 25 يناير سيستمر إلى فترة ليست بالقصيرة على الرغم من أنه ومنذ عام 2015 كان الحكم قد استقر للسيسي ومن معه وانتصرت الثورة المضادة تماماً"، مضيفاً أن "السيسي لديه قناعة حقيقية بأن أدنى قدر من الحريات قد يتسبب في وقوع ثورة تطيح به وبنظامه وهذه الرؤية وهذا الذعر المستمر هو سبب حالة الانغلاق والانسداد السياسي التام في مصر".

أما الكاتب الصحفي مجدي شندي فيعتقد أن "الدولة مجبرة على التعامل مع التحديات القائمة ومحاولة رفع مستوى معيشة الناس ومحاولة إتاحة هامش من الحرية يتيح لهم التنفس والتعبير عن مكنوناتهم ومشاكلهم واحتياجاتهم وأيضاً هناك ضرورة لإحداث نوع من العدالة الاجتماعية".

ويؤكد شندي على أن الضمير الشعبي العام سيضل محافظاً على هذه مطالب الثورة الثلاثة حتى تتحقق وأنه من آن لآخر يضغط على النظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق بعض المطالب "لكن ما تغير هو أن الناس لم يعودوا على استعداد للخروج للشوارع والدخول في دوامة أخرى من الفوضى، خصوصاً وأن أغلب نماذج الربيع العربي للأسف الشديد فشلت في الوصول إلى مراميها ولم ينتج عنها إلا دول مفككة أو ضعيفة أو متحاربة وأن ما تدعو إليه بعض الجماعات والمنابرمن خارج مصر أصبح من المستحيل تحقيقه". 

محمود حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد