1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بين نفي الصين وضغوطات واشنطن.. كيف نشأ فيروس كورونا إذن؟

٣١ مايو ٢٠٢١

أعاد تقرير "وول ستريت جورنال" النقاش حول منشأ فيروس كورونا إلى المربع الأول، واشنطن تضغط وبيكين تنفي أي علاقة لها بمنشأ الفيروس. لكن ماذا يقول العلم وما هي المعيطات المتوفرة بهذا الصدد؟

https://p.dw.com/p/3uDt5
نحو عامين والعالم في مواجهة الوباء
نحو عامين والعالم في مواجهة الوباءصورة من: Imago-Images/photothek/T. Trutschel

إلى صباح اليوم الاثنين (31 مايو/ أيار 2021)، تشير بيانات مجمعة أن فيروس كورونا المستجّد تسبب بوفاة ثلاثة ملايين و543 ألفا و125 شخصا في العالم منذ أن أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019. الحصيلة المذكورة تعود إلى وكالة فرنس برس، وهناك العديد من المصادر على غرار جامعة جونز هوبكينز الأمريكية، التي ومنذ ظهور الوباء تواظب يوميا على تقديم أرقام معدلة، لكنها تبقى أرقاما تقريبية. فلا أحد يعرف بالضبط حجم الوفيات الحقيقي الناجمة عن الفيروس أو عدد الإصابات الفعلي حول العالم. ناهيك، أن لا أحد يمكنه رصد حجم الأضرار النفسية والاجتماعية والاقتصادية لوباء لا يزال العام منكبا على محاربته.

في غضون ذلك، يظهر تقرير لصحيفة "وول ستريت جونرال" يعيد النقاش إلى المربع الأول حول منشأ الوباء الذي ظهر لأول مرة في سوق السمك بووهان الصينية. ويستند التقرير الإخباري على آخر استخباراتي لوكالة الاستخبارات الأمريكية يشير إلى أن خبراء من معهد ووهان الصيني (موقعه غير بعيد عن سوق السمك) اشتكوا نهاية عام 2019 من أعراض مشابهة لتلك الناجمة عن مرض كوفيد-19. 

هل منشأ الفيروس المعهد البيولوجي الصيني إذا؟! سؤال عاد إلى الواجهة مجددا ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إصدار أوامره إلى أجهزة بلاده الاستخبارية للبحث عن أصل الفيروس، وقد حدد لهذه المهمة مدة تسعين يوما.

خطوة أثارت حفيظة بيكين التي طالما اتهمت واشنطن بـ"تسييس" القضية واتخاذها "حجة" لإزاحة الأنظار عن فشل الولايات المتحدة ومن يدعمها في هذا الطرح في تدبير أزمة الوباء. في المقابل اتُهمت الصين بطمس جميع المحاولات الساعية إلى اجراء تحقيق شفاف حول منشأ الوباء وهو ما أشار إليه بايدن مؤخرا موجها كلامه إلى "شركاء يشاطرونه الرأي" في ممارسة "ضغوط على الصين للسماح لها بالوصول إلى بيانات وأدلة تساعد على إجراء تحقيق دولي شفاف ومتكامل يستند على حقائق".

ما نعرفه عن الفيروس

إلى غاية كتابة هذا المقال، تسجل صفحات التاريخ أنه وفي بداية يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، اكتشف أطباء صينيون حمولة فيروسية مجهولة تتسبب في التهابات رئوية، أفضت إلى وفاة عدد كبير من الناس في مدينة ووهان الصيني. بعدها اكتشف العلماء أن هذه الفيروسات تنتمي إلى فصيلة الجينات التاجية المصنفة في الفئة "باء" من هذه السلالة الفيروسية والتي تعرف باسم "فيروس بيتاكورونا". 

وجد العلماء أنفسهم أمام نوع جديد محيّر، لكنه شبيه بسلالة سارس التي تمّ اكتشافها بين عامي 2002 و2004 والذي بقي ولحسن الحظ محصورا في بؤر محدودة في آسيا وإفريقيا. ورغم أن خطورة هذا الوباء لم تأخذ ذات المنحى، إلا أن أنه حينها كان امتحانا أوليّا لما سيواجهه العالم بعد أكثر من 15 عاما، وكان واضحا جدا مدى التحديات الجمّة المطروحة لمواجهة وباء في زمن العولمة. مع ذلك لم ستفد العالم كثيرا من التجربة إلى ظهور وباء كوروبا.  

زمن الانتشار

أظهرت بعض الدراسات أن فيروس كورونا المستجّد كان منتشرا لأسابيع أو حتى لأشهر قبيل ظهوره في ووهان في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019. وهذا لا يعني بالنسبة للقائمين على هذه الدراسة أن تكون الصين منشأ الفيروس.

دراسة أخرى، هذه المرة من جامعة كامبريدج صادرة في أبريل/ شباط من عام 2020، ترجح نشأة الفيروس بين أيلول/ سبتمبر وبداية ديسمبر/ كانون الأول 2019 سواء في الصين أو في منطقة محادية لحدودها.

غير أن ما دحض الدراستين معا، اكتشاف البصمة الجينية لكورونا المستجّد في مياه الصرف الصحي في كل من البرازيل وإيطاليا داخل جرعات كانت قد أخذت في نوفمبر من عام 2019. وهذا ما يجعل العالم أمام مشهد ضبابي وسط مؤشرات تدل على انتشار الفيروس في فترة متداخلة (نهاية خريف 2019) في كل من أوروبا والصين. 

الأصل من الحيوان؟

طالما رُددت نظرية انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان. الخفاش كان أول المتهَمين وقيل إنّ "فعلته" هذه لا يمكنها أن تتم سوى عن طريق حيوان ثالث. بيد أن أيّا من الدراسات نجحت في تحديد هوية الحيوان الثالث أو في إثبات "التهمة" على الخفاش. كما أن فيروسات سارس-كوفيد سواء عند انشار وباء سارس أو اليوم لا يمكن نسبها بشكل قطعي إلى الحيوانات. فما توصل إليه العلماء أن البصمة الجينية لسارس-كوف-2 وهو الإسم العلمي لكورونا فيروس المستجّد يتطابق بنسبة 96,2 بالمائة مع البصمة الجينية لفيروس RaTG13 المتواجد لدى سلالة من الخفافيش تعيش في جنوب آسيا، وهي نسبة كبيرة لكنها في الوقت ذاته لا تكفي لتبني النظرية كحقيقة علمية.

المختبر البيولوجي كمصدر للفيروس؟

ما هو مؤكد، أن مختبر ووهان كان يجري دراسات واختبارات عن الفيروسات التاجية من فصيلتي RaTG13  وRmYN0 .

هكذا يتعلم بلجيكيون استعادة حاسة الشم بعد إصابة كورونا

هذا الأمر جعل الكثيرين يطورون نظريتين؛ الأولى تقول إن هذا الفيروس تمّ تطويره لصناعة سلاح بيولوجي. ونظرية أخرى تدعي أن خروج الفيروس عن المختبر هو حادث عرضي لا تحركه أي رغبة سياسية. لجنة التحقيق التابعة لمنظمة الصحة العالمية والتي سبق لها أن زارت قسما من المختبر فندت النظريتين معا، إلا أنها لم تحصل على مصداقية كبيرة لكونها لم تباشر التحقيقات بحرية نظرا للعقبات التي فرضتها الصين على لجنة منظمة الصحة العالمية، ما منعها من الوصول إلى جميع البيانات اللازمة. ولهذا وبعد عودة اللجنة من الصين "ارتأت" المنظمة العالمية ضرورة في "مواصلة التحقيقات حول إمكانية تسرب الفيروس من المختبر الصيني".

"سلاح بيولوجي" ام "حادث عرضي"؟

وفق دراسات استندت على تركيبة الفيروس، استبعد عدد كبير من العلماء أن يكون فيروس كورونا المستجّد قد طوّر كـ"سلاح بيولوجي". فريق علمي بقيادة البروفسورة السويدية كريستيان أنديرسون، قام بدراسة تسلسل الجينوم لسارس -كوف-2  وقارنه بباقي أنواع فيروسات كورونا أخرى، فوجد أن بروتين "سبايك" لكورونا المستجّد مختلف في تركيبته وفي أحماضه الأمينية، حيث أنه أكثر قدرة على مهاجمة الخلايا البشرية، لكنه في ذات الوقت "ليس معقدا بما يكفي ليكون سلاحًا بيولوجيًا".

لهذا السبب يميل بعض الخبراء إلى نظرية "الحادث" الذي أفضى بخروج الفيروس من المختبر. هذا الأمر تنفيه القيادة الصينية بشدة، معلّلة موقفها بعدم تسجيل أي حالات مرضية بين الخبراء، وفق البيانات الرسمية. وتقرير "وول ستريت جورنال" الآن يدعي العكس.

إلى غاية اللحظة لا تشير أي حقائق تؤكد رواية على حساب أخرى، ومن دون تحقيق علمي شفاف لا يمكن للعالم أن يعرف ما الذي حصل.

ألكساندر فرويند/ و.ب