1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يحتل البشر قمة السلسلة الغذائية بين باقي الكائنات؟

٨ ديسمبر ٢٠٢١

تحدثت دراسات سابقة عن أن الإنسان أصبح هو المفترس الأكبر في كوكبنا وأنه يحتل قمة السلسلة الغذائية. لكن هل هذا التوصيف دقيق؟ وما الفارق بين الإنسان والقرش الأبيض الكبير والأسود والذئاب الرمادية؟

https://p.dw.com/p/43zMt
هل يحتل الإنسان قمة المفترسات في العالم
هل أصبح من الدقة أن يوصف الإنسان بأنه المفترس الأكبر؟صورة من: Colourbox/Phovoir

تشترك الأسود والذئاب الرمادية وأسماك القرش البيضاء الكبيرة في شيء واحد: إنها أكبر الحيوانات المفترسة. تتكون وجباتها الغذائية بالكامل تقريباً من اللحوم، وباستثناء حالات نادرة، ليس لهذه الحيوانات مفترسات طبيعية - عدا البشر. لذا، إذا كنا مفترسين لأهم الحيوانات المفترسة، فهل هذا يعني أن البشر يحتلون قمة السلسلة الغذائية؟

تعتمد الإجابة على كيفية تعريفنا لـ "المفترس"، أي ما إذا كنت تقتل لتأكل أو تقتل حيوانات أخرى فقط، وكذلك ما إذا كنت تتحدث عن البشر في عصور ما قبل التاريخ أو في العصر الحديث.

ويقول سيلفان بونهومو، عالم البيئة البحرية في IFREMER، وهو معهد للبحوث البحرية في فرنسا: "في علم البيئة ودراسة ارتباط الكائنات الحية ببعضها البعض وبيئاتها، فإن مكان البشر في السلسلة الغذائية لا يعتمد على ما نأكله أو لا نأكله، أو على ما نقتل.

واضاف العالم الفرنسي لموقع "لايف ساينس": "الأمر يعتمد كليًا على ما تأكله". بناءً على هذا التعريف، فالإجابة هي لا: البشر ليسوا من الحيوانات المفترسة لأننا لا نأكل كل شيء نقتله.

أعاد بونهومو وزملاؤه في المعهد تحديد موقع الإنسان في السلسلة الغذائية، إذ يسجل العلماء عادةً مستويات غذائية على مقياس من خمسة مستويات.

النباتات والكائنات الأخرى التي على شاكلتها، والتي تحصل على الطاقة باستخدام ضوء الشمس، تحتل المستوى الأول، والحيوانات العاشبة في المستوى الثاني. وفي الوقت نفسه، فإن الأنواع التي تقع في المستوى الثالث تأكل الحيوانات التي تتغذى على العواشب فقط، والأنواع في المستوى الرابع تأكل آكلات اللحوم من المستوى الثالث فقط - وهكذا دواليك.

يتم تسجيل الأنواع التي تحصل على طعامها من مستويات غذائية متعددة، مثل الحيوانات آكلة اللحوم، من خلال متوسط ​​المستوى الغذائي لما تأكله، بالإضافة إلى واحد. على سبيل المثال، فإن الحيوان الذي يأكل 50 في المائة من النباتات بالضبط و 50 في المائة من العواشب سيكون من النوع 2.5 - آكل للنباتات.

باستخدام بيانات من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة حول استهلاك البشر للغذاء في جميع أنحاء العالم، حدد علماء معهد "IFREMER" مستوى غذائي لكل طعام نأكله، ووجدوا أن البشر في المتوسط يحصلون على 80 في المائة من السعرات الحرارية اليومية من النباتات و20 في المائة من اللحوم والأسماك، وفقًا لنتائج دراسة الفريق عام 2013 ، المنشورة في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences.

هذا التقييم يضعنا عند مستوى غذائي متوسط ​​يبلغ 2.21 - في مكان ما بين سمك الأنشوجة والخنازير. لكن المستويات الغذائية للبشر تختلف في جميع أنحاء العالم. ففي بوروندي، على سبيل المثال، شكلت النباتات 96.7 في المائة من النظام الغذائي في عام 2009، مما أعطى البشر في ذلك البلد مستوى غذائياً قدره 2.04. وفي الوقت نفسه، بلغ مستوى التغذية في أيسلندا، حيث يتكون النظام الغذائي من حوالي 50 في المائة من اللحوم، 2.57.

بالطبع، يشكل البشر تهديدًا أكبر بكثير للحيوانات الأخرى مما تشكله الأنشوجة والخنازير. يجادل بعض العلماء بأن ضغط البشر على الأنواع الأخرى يجعلنا "مفترسين خارقين"، وهو مصطلح صاغه المؤلفون للإشارة إلى المعدل الذي يقتل به البشر الأنواع الأخرى.

ففي تقرير عام 2015  نُشر في مجلة "ساينس" المتخصصة، قارن العلماء في جامعة فيكتوريا بكندا بين نشاط الصيادين ونشاط الحيوانات المفترسة البرية والبحرية الأخرى، ووجدوا أن البشر يقتلون الفريسة البالغة بمعدلات تصل إلى 14 مرة أعلى من الحيوانات المفترسة الأخرى.

عالمة بحار تسبح مع أسماك القرش وتداعبها

حول ذلك يقول بونهومو: "إذا أخذنا في الحسبان مدى تأثيرنا على الحياة البرية، فهو ضخم". ومع ذلك، لا يتفق الباحث الفرنسي مع التقييم القائل بأن البشر حيوانات مفترسة خارقة، وهو ما يفسره على أنه خلط مع مصطلح "المفترس الأعلى". ففي علم البيئة، لدى المفترس تعريف محدد: هو ذلك الكائن الذي يأكل ما يقتل. وتابع بونهومو بالقول: "أعتقد أن توصيف المفترس الأعلى مضلل".

وبحسب الدراسات، فنحن لا نقتل الحيوانات البرية لنأكلها. على سبيل المثال، الأسباب الرئيسية لانخفاض أعداد الأسود هي فقدان الموائل والاشتباكات مع البشر الذين لا يريدون أن تهددهم الأسود أو تهدد ماشيتهم. وفي الوقت نفسه، فإن الأشخاص الذين يصطادون في البحار والمحيطات يلقون ما بين 10 و20 في المائة من إجمالي ما قاموا بصيده في البحر مرة أخرى لأن اصطياده حصل بشكل عرضي غير مقصود، وفقًا لدراسة أجريت عام 2017 في مجلة Fish and Fisheries.

وغالبًا ما تتعرض الحيوانات التي يتم اصطيادها عن غير قصد لإصابات أو تموت، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. وكتب بونهومو وزملاؤه - في رد لم يتم نشره بعد على مقال مجلة "ساينس": "المفترس يبتلع ما يقتله". بدلاً من ذلك، يقترح العلماء إطلاق مصطلح "المستهلك الفائق" على الإنسان.

تاريخيًا، ربما كان هناك اختلاف أقل بين ما نأكله ومقدار القتل. راجع أحد العلماء، ويدعى بن دور، مع زملائه دراسات أجريت حول علم وظائف الأعضاء البشرية وعلم الوراثة وعلم الآثار وعلم الحفريات لإعادة بناء المستويات الغذائية لأسلافنا البليستوسين (عاشوا في الفترة بين 2.6 مليون إلى 11 ألفاً و700 سنة)، وخلصوا إلى أن البشر من المحتمل أن يكونوا من الحيوانات المفترسة في قمة الهرم الغذائي، الذين أكلوا اللحوم في الغالب لحوالي مليوني عام، حتى ما قبل 12000 عام، عندما انتهى العصر الجليدي الأخير، بحسب ما ذكر موقع "لايف ساينس".

"الإنسان الذئب" عاش مع الذئاب سنين عديدة في إسبانيا

هذا ويجادل عرض نُشر في عام 2021 في المجلة الأمريكية للأنثروبولوجيا البيولوجية، بأن البشر لديهم أوجه تشابه فسيولوجية مع آكلات اللحوم أكثر من آكلات العشب، مثل المعدة شديدة الحموضة التي تقوم بتفكيك البروتينات المعقدة وقتل البكتيريا الضارة، ودهون الجسم العالية.

وأشار واضعو العرض أيضًا إلى أن تحليل نظائر النيتروجين المختلفة في البقايا البشرية القديمة، والتي تميل نسبتها إلى الزيادة مع اتباع نظام غذائي غني باللحوم، يكشف باستمرار عن نسب عالية من النيتروجين. هذا التحليل، في جوهره، هو دليل آخر على أن البشر القدامى كانوا يأكلون الكثير من اللحوم.

وأوضح بن دور وزملاؤه في مقالهم أن بعض التغييرات ربما تسببت في نزول البشر في ترتيب السلسلة الغذائية، وأقترحوا أن التغيير الأساسي كان اختفاء الحيوانات الكبيرة، مثل الماموث الصوفي. في الوقت نفسه، بدأ البشر في تطوير طرق سمحت لهم باستهلاك عدد أكبر من النباتات من خلال ابتكار أدوات حجرية لمعالجة الحبوب.

لكن حتى لو كنا في يوم من الأيام حيوانات مفترسة تتناول كماً هائلاً من اللحوم، فإن هذا لا يعني أن البشر المعاصرين يجب أن يحتلوا قمة السلم الغذائي، كما قال بن دور لـموقع "لايف ساينس"، مضيفا: "لا يعني ذلك بالضرورة لأننا كنا آكلين للحوم بشكل رئيسي في الماضي، أننا اليوم على قمة السلسلة الغذائية .. ومع ذلك، فإن حبنا للحوم له علاقة بماضينا البليستوسيني كآكلي لحوم".

ع.ح./ ي.أ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد