1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأزمة الاقتصادية تطفئ أضواء ملاهي بيروت الليلية!

١٤ ديسمبر ٢٠٢١

ألقت الأزمة الاقتصادية الطاحنة وجائحة كورونا بظلالها الثقيلة على ملاهي بيروت الليلية إذ أوصدت الكثير منها أبوابها. بيد أن المدينة بحاجة إلى الحفلات أكثر من أي وقت مضى، فعسى ولعل تخفف من الضغوط النفسية على المواطنين.

https://p.dw.com/p/44BWo
حفلة ضمن مهرجان موسيقي في بيروت
أصبحت حفلات الغناء والموسيقى متنفس اللبنانيين وسط أزمة اقتصادية وسياسية طاحنة ألقت بظلالها على الحياة الليليةصورة من: Privat

 على مر العقود، ظلت بيروت قبلة عشاق ومحبي الحياة الليلية ليس فقط في لبنان وإنما في سائر بلدان الشرق الأوسط حيث كان يُطلق على بيروت "باريس الشرق" إذ تستقطب ملاهي المدينة محبي السهر من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية. وتقول ريا التي تعمل كمنسقة موسيقى "كان يأتي إلى بيروت نهاية كل أسبوع اثنان أو ثلاثة فنانين عالميين مشهورين للعزف. كانت أجور الفنانيين تصل إلى ما يزيد عن 100 ألف دولار. حيث كانت بيروت تتنافس مع أشهر أماكن السهر والحفلات في دبي لاستقطاب أكبر الأسماء".

بيد أنه ومنذ  الأزمة السياسية والاقتصادية  التي بدأت شرارتها عام 2019، أصبح كاهل سكان بيروت مثقلا بالمتاعب المالية خاصة مع خسارة الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمائة من قيمتها خلال عامين. مما دفع ثلاثة أرباع سكان البلاد البالغ عددهم حوالي 6,7 مليون نسمة إلى براثن الفقر. وما زاد الطين بلة أن هذه الأزمة المالية رافقتها حالة من عدم الاستقرار السياسي. ولم تكن الحياة الليلية في بيروت في منأى عن هذا الكم الكبير من الأزمات رغم أن أصحاب الملاهي الليلية والعاملين فيها حاولوا إبقاء هذا القطاع على قيد الحياة وإن كان بشق الأنفس. وفي هذا السياق، يقول رائد الحلبي، مدير Ballroom Blitz أو "بال روم بليتز" وهو أحد النوادي الليلية التي لا تزال تستقبل عشاق السهر في بيروت، إن "الذهاب (إلى الملاهي الليلية) يعد المتنفس الوحيد بعيدا عن التفكير في أباطرة (السياسة والمال) وعن التفكير في تفاقم الأمور يوما بعد يوم".

حفلة في ملهى ليلي في بيروت 02.12.2021
الرقص في الملهى الليلي على وقع الأزمة الاقتصادية في لبنان لم يعد في مقدور اللبنانيينصورة من: Raed al-Halabi

فرصة لرعاية المواهب اللبنانية

يعد الملهي الذي يديره الحلبي واحدا من ملهيين ليليين يعتمدان على الموسيقى الإلكترونية ونجا من الإغلاق بسبب  الأزمة المالية  التي لا تزال تعصف بالبلاد منذ سنوات فيما تضرر ملهيان آخران هما "ذا غاردن" و "غراند فاكتوري" جراء تفجير مرفأ بيروت العام الماضي، ما أدى إلى إغلاقهما منذ التفجير. وتعليقا على العصر الذهبي للملاهي الليلية في بيروت قبل الأزمات الحالية، يقول رائد الحلبي إن الملهي الذي يديره كان بمقدوره في الماضي جلب عدد من الأسماء الكبيرة في عالم الموسيقى من أجل "تقديم أصوات جديدة للجمهور اللبناني". لكنه يضيف بأنه وبسبب انهيار الليرة لم يعد الملهى قادرا على دفع أجور مثل هؤلاء الفنانيين. وفى الوقت الذي كان فيه هذا الأمر بمثابة نقمة للقائمين ورواد الحياة الليلية في بيروت، كان بمثابة نعمة للموسيقين اللبنانيين الشباب، إذ عاد ملهى "بال روم بليتز" إلى ما كان عليه في أول الأمر معهدا ثقافيا وتلقى مؤخرا تمويلا من الصندوق العربي للفنون والثقافة الذي مقره في بيروت لدعم منسقي الموسيقى والمنتجين المحليين. وفي هذا السياق، يقول الحلبي "لدينا فجوة، إذ لا ليس بمقدورنا استقدام المواهب من الخارج. لذلك من المهم للغاية التعاون والعمل مع المواهب اللبنانية".

الأجانب وحدهم قادرون!

ومع تخفيف قيود كورونا، أعادت بعض الملاهي الليلية فتح أبوابها، بيد أن التكاليف أصبحت باهظة الثمن حتى مع استثناء استقدام فنانين دوليين. وفي ظل انهيار سعر الليرة ، أصبح الطلاب الأجانب والعاملون مع منظمات غير حكومية ممن يتقاضون رواتبهم بالدولار من بين القلة التي تستطيع دفع سعر الدخول إلى الملاهي الليلية، وفقا لما ذكرته ميرا باربرا، وهي منسقة موسيقى مقيمة في بيروت وتشتهر باسم Duchesse. أما إيلي عون، وهو منسق آخر للموسيقى، فقال إن هذا الأمر أدى إلى إحياء الحفلات التي تقام في المنازل حيث أنها توفر بديلا أرخص للأشخاص الذين يعانون من صعوبات مالية. ومن أجل مساعدة الناس الذين باتوا في أتون الأزمة المالية وجائحة كورونا، قام ملهي "بال روم بليتز" بتنظيم مشروع خيري أُطلق عليه اسم " The Great Oven" من أجل تقديم مواد غذائية للأسر الفقيرة.

جانب من مهرجان موسيقي في بيروت
الطلاب الأجانب وما يتقاضون روابتهم بالدولار هم الوحيدون من يقدرون حضور الحفلات الموسيقية في الملاهي الليليةصورة من: Privat

لا بديل عن الرحيل

وفي الوقت الذي استطاعت فيه بعض الملاهي الليلية إيجاد حلول، لم يستطع كثير منها التغلب على التحديات الناجمة عن حالة عدم الاستقرار في لبنان. ففي الوقت الذي لجأ بعض منسقي الموسيقى أو (دي جي) إلى العمل في حفلات الزفاف، اضطر المشاهير منهم إلى شد الرحال عن لبنان. وفي ذلك، تقول ريا التي تعمل منسقة موسيقى إن "العديد من منسقي الموسيقى انتقلوا إلى دبي أو مصر، فيما حصل آخرون على ما بين 5 إلى 9 فرص عمل في بلدان عربية أخرى". ويعد ليو أحدث منسق موسيقى يرغب في الرحيل عن لبنان، ويقول "في أوروبا ، يمكن التفكير في الخطوات المستقبلية. وفي أوروبا سأكون قادرا على التخطيط للمستقبل". وريا هي الأخرى تفكر في الرحيل إذ تشعر أن إنتاج موسيقي في بيروت سيكون مؤلما ومكلفا خاصة بعد أن آتى تفجير المرفأ على الاستديو الذي كانت تمتلكه. وتقول إنها حاولت تنظيم حفل قبل بضعة أشهر، غير أن الأمر توقف بسبب إحراق المتظاهرين لإطارات السيارات وقطع الطرق فضلا عن نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي.

وتؤكد ريا على ضرورة تضامن وتضافر المجتمع في لبنان البلد الذي يعاني الكثير من الانقسامات. وكانت أعمال العنف التي اندلعت في 14 من أكتوبر/ تشرين الأول وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص، مما أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية المريرةالتي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. وعلى وقع كل هذا، لم يعد رائد الحلبي- مدير "بال روم بليتز" – يرمي إلى كسب المال "لأنه لم يعد هناك في بيروت مال"، على حد وصفه. لكنه يرغب في إبقاء الملهي الذي يديره مفتوحا بسبب حبه للمكان، ولأن "هذا المكان كان ملتقى الكثيرين وجلب سائحين إلى لبنان".

كيت مارتر / م ع