1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حين يتحول معبر "باب الهوى" إلى كرة في ملعب المساومات الدولية

٧ يوليو ٢٠٢٢

يعتمد الملايين في إدلب السورية على المساعدات التي تأتي عبر معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، لكن بقاء المعبر مفتوحا أمام المساعدات بات يخضع للمساومات، ومصير السكان أصبح "بمثابة كرة قدم بين أرجل الأطراف السياسة" الدولية.

https://p.dw.com/p/4Djn7
معبر باب الهوى يعد شريان حياة الملايين في شمال سوريا - صورة بتاريخ 18 يناير 2022
معبر باب الهوى يعد شريان حياة الملايين في شمال سورياصورة من: Omar Haj Kadour/AFP/Getty Images

يُنظر كثيرون إلى معبر "باب الهوى" في  شمال غرب سوريا  ليس فقط باعتباره منفذا حدوديا وإنما شريان حياة حيث تمر من خلاله ما بين 600 إلى 800 شاحنة محملة  بمساعدات إنسانية  مقدمة من منظمات دولية تدخل شهريا عبر تركيا إلى منطقة إدلب.

وفي مقابلة مع DW، قالت هدى خيتي، مديرة مركز دعم وتمكين المرأة بمدينة إدلب، إنه في حالة إغلاق المعبر فسوف "يؤدي ذلك إلى كارثة إنسانية، حيث يعتمد سكان مخيمات النازحين في هذه المنطقة بشكل خاص على المساعدات ".

وبدعم من منظمة "ميديكو إنترناشونال"، تقدم خيتي مساعدات للنازحات في إدلب خاصة في مجال التعليم.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن عدد سكان إدلب يبلغ قرابة أربعة ملايين شخص، بينهم أكثر من مليوني شخص يعيشون في مخيمات النازحين فيما أُرغم الكثير منهم على الفرار نحو الداخل السوري فيما يعتمد معظم السكان على المساعدات الإنسانية.

وعلى بعد 10 كيلومترات شمال معبر باب الهوى، يقع مخيم "أطمة" الحدودي، حيث يعيش حوالي مليون شخص في أكواخ وخيام مؤقتة مع الافتقار إلى المياه ومصادر الطاقة ما يهدد حياة النازحين.

معبر باب الهوى في سوريا - صورة بتاريخ 18 يناير 2022
إغلاق معبر باب الهوى سيفاقم من معاناة النازحين في إدلبصورة من: Omar Haj Kadour/AFP/Getty Images

ويمثل معبر باب الهوى لنازحي مخيم "أطمة"  شريان الحياة، بيد أن هذا الشريان في خطر القطع في العاشر من يوليو / تموز حيث يعتزم مجلس الأمن التصويت على تمديد آلية إيصال المساعدات إلى سكان شمال غرب سوريا.

مصير باب الهوى؟

أصدر مجلس الأمن الدولي في عام 2014 قرارا بفتح أربعة معابر حدودية في شمال غرب سوريا لتقديم المساعدات الأساسية لمن يعيشون في إدلب التي تعد آخر معاقل المعارضة في سوريا والخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).

ووفقا للقرار الأممي، فإنه يجب تجديد هذا التفويض كل عام وهو الأمر الذي لطالما تعارضه سوريا وحليفتها الوثيقة روسيا، التي تمتلك حق النقض ( الفيتو ) في مجلس الأمن الدولي.

ويستند رفض الرئيس السوري بشار الأسد لتمديد آلية إيصال المساعدات عبر باب الهوى، إلى أنه يعرقل جهود الحكومة لبسط نفوذها في الأجزاء الأخيرة الخاضعة لسيطرة المعارضة.

بالنسبة لهدى خيتي، فإن موعد العاشر من يوليو / تموز من كل عام يمثل لها مصدر قلق، مضيفة "يُنقل المصابون بأمراض خطيرة إلى مستشفيات تركية عبر باب الهوى. (لكن في حالة إغلاقه) أين سيتم علاجهم؟ لا توجد أدوية تستخدم في علاج كيماوي هنا."

تحذير أممي من "التسييس"

ومع اقتراب التصويت الأممي، حذر مسؤول أممي رفيع المستوى من تداعيات وقف العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية وبأن ذلك "سيكون كارثيا"، معترفا بالضغوط السياسية في قضية تمديد التفويض الأممي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا مارك كتس قوله إن "الفشل في تجديد القرار سيكون كارثيا إذ لا خيار متوفرا حاليا يمكن أن يشكل بديلا عما تقوم به الأمم المتحدة".

وأضاف "ندرك أن الأمور أصبحت أكثر تسييسا هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية خاصة في ظل تصاعد التوترات بالتزامن مع الحرب في أوكرانيا".

كذلك، حذرت  منظمة العفو الدولية  من عدم تمديد التفويض الأممي، مطالبة أعضاء مجلس الأمن الدولي بتجديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود "قبل أن تنتهي صلاحيتها في 10 يوليو/تموز."

التصويت الأممي.. سلاح

بدورها، تعتقد بينته شيلر، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "هاينرش بول" الألمانية، أن هناك إشكالية من أن مثل هذه القرارات المصيرية بشان معبر باب الهوى تقع على عاتق مجلس الأمن الدولي. وفي مقابلة مع DW، قالت "روسيا يمكن أن تستخدم حق النقض كسلاح آخر ضد الشعب السوري".

الجدير بالذكر أن روسيا – أكبر داعمي الرئيس السوري بشار الأسد – تدعو إلى وجوب مرور المساعدات الإنسانية عبر دمشق.

لكن المقترح الروسي يواجه انتقادات بأنه قد يدفع النظام السوري إلى تقديم المساعدات إلى السكان الموالين له ما سيعزز نفوذه ومن ثم يساعده على السيطرة على أخر معاقل المعارضة عن طريق زيادة الضغوط على السكان الذين يعيشون في هذه المنطقة.

بدورها، أشارت أنيتا ستاروستا، من منظمة منظمة "ميديكو إنترناشونال"، إلى أن "الأسد يستخدم المساعدات الإنسانية لتحقيق أهداف سياسية".

انتقاما للعقوبات الغربية

وداخل أروقة مجلس الأمن الدولي ومع قرب التصويت على مصير ممر باب الهوى، فمن المتحمل أن تستخدم روسيا "الفيتو" كورقة مساومة في حربها على أوكرانيا. ويرى مراقبون أن روسيا قد تستخدم تصويت العاشر من يوليو / تموز للحصول على تنازلات تصب في صالحها عقب فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عليها ردا على توغلها العسكري في أوكرانيا أواخر فبراير / شباط.

وفي ذلك، تقول شيلر إن  روسيا  قد تمنع تدفق المساعدات عبر معبر باب الهوى كشكل من اشكال الانتقام لفرض عقوبات عليها، مضيفة "ربما تقرر روسيا الاحتفاظ بهذا النفوذ".

ولا يزال يكتنف الغموض القرار الذي سوف تتخذه روسيا حيث شدد نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في مايو / أيار الماضي على أن موسكو لم تتخذ قرارها بعد فيما يتعلق بتصويت مجلس الأمن الدولي. لكنه قال "إن المساعدات تذهب إلى النازحين أيضا، لا يمكن أن ننكر ذلك، بيد أن جماعات إرهابية تستفيد من ذلك."

سوق في مدينة إدلب السورية - صورة بتاريخ 31 مارس 2022
تفاقمت الأوضاع الاقتصادية في إدلب مع اندلاع الحرب في أوكرانياصورة من: Mohammed al-Rifai/AFP/Getty Images

الجدير بذكر أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) تقوم بتحصيل رسوم جمركية على البضائع الواردة في ضوء سيطرتها على المنطقة حيث يقع معبر باب الهوى. وفي ذلك، قالت شيلر إن روسيا تزعم في كل مناسبة أنه "لا يوجد في إدلب سوى إرهابيين"، مضيفة أن روسيا تريد "تخويف المانحين". وأشارت إلى أن أكثر من 90 المائة ممن يعيشون في إدلب هم من المدنيين بينهم العديد من النساء والأطفال.

تفاقم الأزمات

وتئن سوريا تحت وطأة صراع ممتد منذ أكثر من عقد أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتشريد أكثر من 13 مليون شخص نصفهم باتوا نازحين داخل سوريا وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

وأسفر الصراع السوري عن تقسيم سوريا إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة ومناطق تخضع لسيطرة المعارضة فيما يسيطر الأكراد على مناطق أخرى.

وأدى هذا الصراع إلى تفاقم الوضع الصحي في عموم سوريا، لكن الوضع في إدلب أشد خطورة مع شح الإمكانيات الطبية وتردي الوضع الاقتصادي مع انخفاض قيمة الليرة السورية والتركية.

وكانت إدلب في الماضي تُعرف بسلة غذاء سوريا بسبب وفرة إنتاج القمح، بيد أن الحال تغير مع اندلاع الأزمة السورية إذ لم يتبق الكثير من المزارعين فيما تعرضت الحقول الزراعية لدمار جراء القصف أو تحولها لمعسكرات.

وقبل الحرب في أوكرانيا، كانت سوريا تعاني من نقص في القمح، بيد أن الأزمة تفاقمت مع نشوب الحرب في ضوء النقص الحاد في القمح والسكر والوقود وغيرها من الاحتياجات الضرورية للعيش.

وفي هذا السياق، قالت ستاروستا، من منظمة "ميديكو إنترناشونال"، إن أزمة سلاسل الإمدادات العالمية "تزيد الوضع سوءا في الوقت الحالي".

طموحات تركية

ويبدو أن إنهاء تفويض الأممي لإرسال المساعدات عبر معبر باب الهوى، لا يصب في صالح روسيا والحكومة السورية فحسب، بل يمكن أن تكون تركيا مستفيدة هي الأخرى.

هدى خيتي (يمين الصورة) تدير مركز المرأة في إدلب لمساعدة النازحات - صورة بتاريخ 22 أكتوبر 2020
هدى خيتي (يمين الصورة) تدير مركز المرأة في إدلب لمساعدة النازحاتصورة من: H. Khayti

ويرجع ذلك إلى أن المساعدات الأممية ليس فقط التي تمر عبر المعبر وإنما أيضا تعمل منظمات إغاثة تركية ما يعني أنه في حالة انتهاء التفويض الأممي فإن تركيا سيكون بمقدورها تحديد المساعدات التي يمكن للمنظمات الأخرى إرسالها إلى إدلب.

وسيكون الدافع الرئيسي لتركيا للسماح بإرسال المساعدات هو  منع النازحين السوريين  من التدفق صوب الأراضي التركية، وهذا الأمر لا تعتبره أنقرة يصب في مصالحها.

ويتزامن ذلك مع تزايد القلق بين سكان إدلب حيال خطوات تركيا المستقبلية في شمال شرق سوريا خاصة مع استمرار القصف التركي للقرى بزعم محاربة حزب العمال الكردستاني، فيما يرى منتقدو اردوغان أن الهدف الحقيقي وراء ذلك السيطرة على المزيد من الأراضي السورية لنقل اللاجئين إليها.

وترى خيتي أنه في حالة تحققت الأهداف التركية، فإن النازحين ربما يواجهون سيناريو النزوح مرة أخرى خاصة في ظل الغموض الذي يكتنف المباحثات التركية-الروسية خلف الأبواب.

وفي ذلك، قالت خيتي "كل ما أعرفه هو أننا في إدلب صرنا بمثابة كرة قدم بين أرجل الأطراف السياسة في هذه المنطقة خاصة عندما تريد روسيا تحقيق بعض أهدافها السياسية".

أما ستاروستا، فتؤكد ضرورة أن توحد كافة منظمات الإغاثة صفوها للوقوف ضد أي محاولة لاستغلال قضية المساعدات الإنسانية عبر الحدود لتحقيق أهداف سياسية.

ديانا هودالي/ م.ع