1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وزير داخلية تونس لـDW: مطلوب من الأوروبيين الوفاء بتعهداتهم

٢٩ سبتمبر ٢٠٢٣

نفى وزير الداخلية التونسي كمال الفقي وجود خلاف مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق منح بلاده مساعدات مقابل التصدي للهجرة، لكنه كشف عن أن الاتفاق لم ير النور بعد، مطالبا التكتل بتسريع تنفيذ تعهداته لتونس بمنحها "جرعة" مساعدات.

https://p.dw.com/p/4WyEr
وزير الداخلية كمال الفقي (26.09.2023)
وزير الداخلية كمال الفقي صورة من: DW

كانت تونس قد وقعت في شهر يوليو/تموز الماضي مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية تتضمن حزمة مساعدات اقتصادية ومالية تفوق المليار أورو على المدى الطويل لانعاش الاقتصاد، ولكن أيضا مساعدات عاجلة موجهة لموازنة الدولة والحرس البحري، بهدف تعزيز الجهود لمكافحة مهربي البشر وموجات الهجرة غير النظامية  المنطلقة من السواحل التونسية.

بيد أن المذكرة لا تزال تراوح مكانها بسبب تباين وجهات النظر بشأن بعض بنودها. وقال وزير الداخلية التونسي في مقابلة حصرية مع DW عربية عبر مراسلها بتونس، بأن بلاده لن تلعب دور الحارس للحدود الأوروبية، وإنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد لن يكون بمقدورها استيعاب الأعداد الكبيرة للمهاجرين المتدفقين على أراضيها من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

تعكس التصريحات جانبا من الأزمة الصامتة التي طفت على العلاقات بين تونس وشريكها الاقتصادي الأول، على خلفية التحولات السياسية التي تشهدها الدولة منذ " الإجراءات الاستثنائية " التي قام بها الرئيس قيس سعيد في 2021، بما في ذلك الانتقادات التي تصدر من مسؤولين أوربيين بشأن الأوضاع الحقوقية، ومن ثم منع السلطات التونسية لنواب أوروبيين من دخول أراضيها.

مع ذلك نفى وزير الداخلية التونسي في حواره التالي مع DW عربية، وجود أزمة حالية مع الاتحاد الأوروبي  داعيا في نفس الوقت الى التعامل الايجابي والسريع مع الاتفاقات الموقعة بين الجانبين.

مراسل دويتشه، فيله طارق القيزاني في حوار حصري مع وزير الداخلية التونسي (26.09.2023)
مراسل دويتشه، فيله طارق القيزاني في حوار حصري مع وزير الداخلية التونسي صورة من: DW

DW: بداية نتحدث عن الوضع الشائك حاليا، والمرتبط بأزمة "التدفقات الكبيرة للمهاجرين". المفوضية الأوروبية كانت أعلنت مؤخرا عن حزمة مساعدات طارئة لتونس بقيمة 127 مليون يورو وتم ربط هذا الدعم بخطة عاجلة لمجابهة الوضع في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. فهل يعني ذلك المزيد من الالتزامات على تونس؟ وما مدى استعداد تونس للتجاوب مع هذه الخطة؟

كمال الفقي: عدم الاستقرار في دول جنوب الصحراء الإفريقية والساحل الإفريقي يؤدي بالضرورة إلى صعوبة العيش لمواطني هذه الدول. وبالتالي يتجه شبابها نحو الهجرة. ولكن هذه المرة هجرة غير إنسانية. غير طبيعية. وهي هجرة نتيجة لعملية تخريب المؤسسات الاجتماعية واقتصادية والسياسية لهذه الدول. بالنسبة لتونس تجد نفسها في وضعية الدولة التي تتحمل عبء كبير والحال أنها في وضعية اجتماعية واقتصادية صعبة يعرفها القاصي والداني ويشعر بها المواطن التونسي قبل أي مواطن آخر. في الحقيقة حين يتعلق الأمر بموقف التونسيين، يجب أن يواجه هذا الموقف بنفس حجم ونوعية الموقف الذي صدحت به السلطات التونسية. الدولة التونسية منذ البداية أعلنت صرختها واعتبرت أن هذه الهجرة لا يمكن أن نتصدى لها إلا بمعالجة أسبابها.. غير أن تونس لا يمكن إلا أن تدافع عن حدودها وهي لا يمكن أن تكون حارسا لحدود الآخرين إلا بقدر حراستها لحدودها. وبالتالي على التونسيين أن يقوموا بتطبيق قوانينهم الداخلية في هذه الهجرة.

كل البلدان الإفريقية لها جالية في تونس، ولكن هذه الجالية هي قانونية تأتي للدراسة، تأتي للتكوين، تأتي للصحة، ومن أجل العلاج، تأتي من أجل الاستقرار في حدود قدرة الشعب التونسي على استيعاب هؤلاء. لأنه لنا من الأفارقة من يمارسون التجارة لنا أيضا من الأفارقة من يمارسون مهن حرة ولكن لا يمكن أن نتساهل في خصوص  الهجرة غير النظامية. حاليا يبلغ عدد الأشقاء الأفارقة (من المهاجرين النظاميين) في تونس 9800 مواطن.

هل نفهم من هذا الكلام أن تونس غير مستعدة لاستيعاب جزء من المهاجرين؟ أتحدث عن المهاجرين غير النظاميين والبالغ عددهم أكثر من ثمانين ألف مهاجر والذين يرغبون ربما في الاستقرار بتونس. ما هو مدى استعدادكم لهكذا خطة؟

استيعاب المهاجرين هي عملية طبيعية لدى كل الدول. لكنها تتم وفق قدرة هذه الدولة على استيعاب المهاجرين. في الحقيقة المهاجرون الأفارقة علام يهاجرون؟ هم يطلبون وضع اقتصادي أمثل، يعني يبحثون على وضعية اقتصادية أحسن من الوضعية التي يعيشون فيها أو يبحثون عن نوعية حياة أخرى تتلاءم معهم. فلا بد أن يوجد من الأفارقة المهاجرين غير النظاميين من يريد أن يستقر في تونس ولكن لا يمكن للتونسيين أن يستوعبو إلا حجم ضئيل من هؤلاء باعتبار أن تونس ليست في حالة ازدهار اقتصادي مستدام.

تونس باتت وجهة للمهاجرين الأفارقة
تونس باتت وجهة للمهاجرين الأفارقةصورة من: Jan-Philipp Scholz/DW

تونس في وضعية صعبة اليوم لذلك من غير الممكن لها أن تستوعب هذا العدد والكم من الأفارقة المهاجرين من جنوب الصحراء والساحل. بقدر ما يمكن أن نسعف دول المنشأ في أن تطور اقتصادياتها وتحسن من أنظمتها الاجتماعية والسياسية، بقدر ما نسعى إلى حل مشكلة الهجرة وبقدر ما تكون الحلول دائمة.

من الناحية التقنية والأمنية هل إجمالي الدعم (الموجه للحرس البحري) الذي أعلنت عنه المفوضية الأوروبية سواء في مذكرة التفاهم (الموقعة في شهر يوليو) بحوالي 100 مليون يورو، مع حزمة المساعدات الأخيرة المعلن عنها (127 مليون يورو)، هل تعد كافية بالنسبة لتونس لمساعدتها في ضبط الحدود واحتواء موجة الـ"التدفقات الكبيرة"؟

حزمة المساعدات الأوروبية هي في الحقيقة جزء هام منها متفق عليه قبل إبرام الاتفاقية الأخيرة، أي بروتوكول إعلان النوايا، والتي يعترض جزء من الاتحاد الأوروبي بشأنها، ولكن أساسا هذه الاتفاقية ستأخذ طريقها، مع العلم أن حزمة المساعدات التي أٌعلن عنها لم يتم المرور لتنفيذها بعد. وننتظر أن يتم تفعيل الاتفاق بشكل إيجابي وسريع. 

من الناحية الدبلوماسية والسياسية، كيف تقيم العلاقات الآن بين تونس والاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه على ما يبدو هناك برود بين الجانبين؟

ليس هناك برود بين الجانب التونسي والجانب الأوروبي، بل بالعكس هناك تفاعل يومي ثنائي مع كافة  الدول الأوروبية  منفردة ثم مع الاتحاد الأوروبي وفق تمثيليته في تونس وبعثاته الدبلوماسية التي تابعتموها في الأيام القليلة الماضية.

التعامل مع الجانب الأوروبي يخضع لجملة من التوازنات الداخلية داخل أوروبا. بطبيعة الحال أنتم تعلمون جيدا أن إيطاليا تشعر وكأنها تركت لنفسها تجاه تحمل عبء الهجرة الوافدة عليها من شمال إفريقيا وبطبيعة الحال من تونس وليبيا والجزائر ومصر أيضا. وهذا يجعل من الوضعية الخاصة بلامبيدوزا وضعية مؤلمة جدا. نحن في تونس نتعلم مما يجد في لامبيدوزا سواء كان من جهة المهاجرين أو من جهة الدولة المستقبلة لهؤلاء لأنها معاناة حقيقية إنسانية. ونحن نقوم من جهتنا بكل ما أوتينا من قوة من أجل التصدي لهذه الظاهرة بطريقة قانونية وطريقة نظامية وذلك بمحاولة الحد أقصى ما يمكن من تدفق الهجرة غير النظامية، يعني المهاجرون الذي يتسللون إلى التراب التونسي عبر مسالك غير قانونية، دون القيام بالإجراءات القانونية من أجل أن يكونوا معرفين بأنفسهم وبجنسياتهم وبغاياتهم حتى يتم التعامل معهم تعامل إنساني وفق المعايير الدولية والاتفاقات الدولية التي تؤطر عملية الهجرة.

أفواج المهاجرين الأفارقة تتدفق على السواحل التونسية في اتجاه أوروبا
أفواج المهاجرين الأفارقة تتدفق على السواحل التونسية في اتجاه أوروبا صورة من: Hasan Mrad/ZUMA/IMAGO

في المدة الأخيرة تم رفض دخول نواب من اللجنة الخارجية في البرلمان الأوروبي إلى تونس. كما طلب الرئيس قيس سعيد من وزارة الخارجية بتأجيل زيارة وفد من المفوضية الأوروبية إلى موعد لاحق. هل ممكن توضيح أسباب ذلك؟

يجب التفريق بالنسبة للوفد الذي يدعي أنه يمثل البرلمان الأوروبي، هو لا يمثل البرلمان الأوروبي. هم أربع نواب يعملون بشكل مستقل انخرطوا في الحملة الموجهة ضد السلطات التونسية في إطار عملية تشويه واسعة  للدولة التونسية  وسياسات الحكومة التونسية تجاه المهاجرين الأفارقة وقدموا الكثير من المغالطات واستقبلوا كثير من الأشخاص الذين أساؤوا إلى سمعة تونس في إطار حسابات سياسية ضيقة وهؤلاء النواب الأربعة برمجوا (الزيارة) بصفة مستقلة ولم يعلموا السلطات التونسية بشكل مسبق واعتبروا أنفسهم ضيوف وليسوا بضيوف. ضيوف على أساس أنهم يقومون بمحادثات مع بعض المنظمات التونسية وليس مع السلطات التونسية. وبالتالي هم غير مرغوب في وجودهم على الأراضي التونسية حتى ولو عاودوا الكرة مرة ثانية. أما بالنسبة للوفد الذي يعتزم التوجه إلى الجمهورية التونسية والذي أعلنت عنه مفوضية الاتحاد الأوروبي فإن البيان واضح، هو (البيان) يطلب التأجيل من أجل تدارس النقاط التي يجب التفاوض حولها في شأن الاتفاق.

س: ما هي نقاط الخلاف في مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي؟ أين يكمن الخلاف أساسا؟

في الحقيقة نحن لا يمكن أن نتحدث عن خلاف. هذا اتفاق حديث لم ير النور بعد باعتبار أننا لم نمر إلى تفعيله وعلى الأوروبيين أن يكونوا أكثر مرونة في التعامل مع هذا الاتفاق. تونس شريك متميز لأوروبا وبالتالي إعطاء الدولة التونسية جرعة من المساعدات التي تخول الخروج من حالة الركود الاقتصادي الذي تعيشه البلاد التونسية، هي من الإجراءات التي تسرع عملية إنجاز الاتفاقات بما في ذلك المساعدة المتفق عليها في خصوص دعم الميزانية السنوية للدولة التونسية.

على المستوى الحقوقي، تصدر من حين إلى آخر قرارات من السلطات بفرض الإقامة الجبرية على عدد من المعارضين ومن ثم يجري التمديد في فترات الإيقاف بالنسبة لبعض السياسيين في تهم تلاحقهم ولا يتم إثبات هذه التهم ومع ذلك يتم تمديد في فترات إيقافهم. ألا يعد هذا تضييقا على المعارضة؟

 بالنسبة للإجراءات التحفظية التي تتخذ ضد بعض العناصر التي تحتسب على المعارضة، هذه إجراءات تتخذ من أجل حفظ حق الدولة في تتبع الأشخاص المطلوبين للعدالة.

حين ندرك أن بعض الأشخاص هم مشمولين بأبحاث ونتخوف من إمكانية مغادرتهم للتراب التونسي فإنه في إطار قانون الطوارئ يمكن لوزير الداخلية أن يصدر قرارا بوضع شخص تحت الإقامة الجبرية في زمن محدد وهو إجراء عادل واعتيادي وهو قانون تونسي لم نأت به الآن، هو قانون ساري المفعول من الزمن القديم والمعارضة التي تدعي المعارضة اليوم طبقت نفس القانون على معارضيها ولم تغير هذا القانون.

بعض الأشخاص يدعون أنهم موقوفون بعنوان محاصرة الرأي. هذا غير صحيح. لأن هناك قانون ينظم التعاطي والتفاعل داخل شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك استغلال الوسائل الإعلامية وهذا القانون يجرم إمكانية التعرض للأشخاص في ذواتهم وفي حياتهم الخاصة أو المساس بسمعة الموظفين والأشخاص العموميين والسلطات العامة إذا كانت تستند إلى تشويهات غير مقبولة أخلاقيا أو أعمال وخزعبلات يتم اعتمادها من أجل تشويه أشخاص أو إثارة نعرات. فهذا غير مقبول. في كل العالم وليس فقط في تونس.

الرئيس التونسي قيس سعيد في استقبال رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني
الرئيس التونسي قيس سعيد في استقبال رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلونيصورة من: Tunisian Presidency/APA Images via ZUMA Press Wire/picture alliance

هناك تقارير تصدر عن منظمات حقوقية دولية وهيئات الدفاع عن السجناء تشكو من ظروف اعتقال متدنية للمساجين، خاصة من المعارضة. ما هو تعليقكم؟

ج: ليس لدينا معتقلين. هذه تسمية المراد منها تشويه سلوك السلطات التونسية في التعاطي مع المتهمين. فحين يبدأ الإيقاف، بطبيعة الحال هي مرحلة يكون فيها الموقوف  تحت حماية السلطات الأمنية في ظروف معينة وحسب المعايير الدولية  التي فرضت وفق المواثيق الدولية. يعني لو ذهبت إلى بوشوشة (مركز إيقاف) أو العوينة (ثكنة أمنية عسكرية) هذه أماكن الاحتجاز فيها وفق معايير خاصة من أجل عدم إهانة الشخص المحتجز وحتى يكون في وضعية حسنة وألا يحدث شيء قد يعكر عليه وضعه وألا يجد أمامه أي شيء يمكن أن يلحق به الضرر بنفسه أو بالآخرين وهذا اعتيادي. هكذا يعامل المواطنون التونسيون كلهم، إلا إذا كان هؤلاء يريدون معاملة تمييزية فهذا غير مسموح في القانون التونسي.

حين يتم صدور القرار بالإيداع في السجن يخرج الشخص المشبوه أو المظنون فيه أو ذو الشبهة من سلطة السلطات الأمنية إلى سلطة السلطات القضائية. أي يدخل تحت سلطة السلطات السجنية.

ظروف الحياة في السجن هي ظروف السجين وتحاول السلطات التونسية أن توجد ظروف حسنة لهؤلاء وفق المقدور عليه ووفق الظروف المتاحة. يجب ألا يطلب من السلطات التونسية تمييز هؤلاء على بقية المساجين وإلا صار هناك خلل في التعاطي مع السجناء وصار ضرب لمبدأ المساواة أما الجريمة.

الكثير من السجناء في بعض القضايا يتم نقلهم إلى المستشفيات العمومية من أجل التداوي ثم يعاد بهم إلى السجن مرة ثانية ومراعاة لبعض الوضعيات يمكن لقاضي التحقيق أو للنيابة العمومية إن رأت ذلك أن تجعل المظنون فيه في حالة سراح (الابقاء في حالة سراح خارج السجن مع استمرار التحقيق معه). وهذا ممكن، وقد استجابت المحكمة في بعض الأحيان، لمطالب الإفراج. استجابت على الأقل لست مطالب إفراج.

أجرى الحوار من تونس: طارق القيزاني