1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"قتل الفكرة؟" ـ هل تستطيع إسرائيل فعلا "القضاء" على حماس؟

كاثرين شير
١٣ ديسمبر ٢٠٢٣

القضاء على حماس؟ قد تكون الإجابة المبسطة بحسب محللين "لا"، لكن الإجابة المفصلة تبدو أكثر تعقيدا وقد تسفر العمليات العسكرية الإسرائيلية عن إضعاف قدرات حماس القتالية، لكن يبقى السؤال عن مدى إمكانية استئصال أيديولوجيتها.

https://p.dw.com/p/4a4J5
جنود إسرائيليون يسيرون على الأنقاض في غزة (08.12.2023)
قطاع كبير من المباني في غزة لحقه الدمار في هذه الحربصورة من: Toshiyuki Fukushima/Yomiuri Shimbun/AP Photo/picture alliance

صدرت تصريحات جلية من المسؤولين الإسرائيلية وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل  سوف تحققَ "جميع أهدافها وفي مقدمتها القضاء على حركة حماس."

تزامن هذا مع كتابة قنوات تلفزيونية إسرائيلية شعار "معا سننتصر" بين الحين والآخر، بيد أن السؤال الملح والهام في الوقت ذاته مفاده: "هل من الممكن القضاء على حماس نهائيا وتحقيق هذا "الانتصار"؟"

بحسب خبراء عسكريين، فإن الإجابة المختصرة هي بالنفي.

ومنذ هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، تقصف إسرائيل في غزة  ، القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني شخص، بالتزامن مع شن الجيش الإسرائيلي عمليات برية في عمق القطاع المحاصر. 

وعلى الرغم من ذلك، يقول معظم المحللين إنه لن يكون من الممكن القضاء على حماس بشكل كامل وذلك يرجع بشكل رئيسي إلى كونها أكثر من منظمة مسلحة.

ويشار أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا و الاتحاد الأوروبي  والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

حماس.. حركة اجتماعية

وفيما يتعلق بالقدرات والعتاد، يقول غيدو شتاينبرغ، الخبير في شؤون المنطقة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن حماس تمتلك ما يتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف مقاتل.

وفي مقابلة سابقة مع DW، أضاف الخبير أن حماس تعد "حركة اجتماعية تحظى بدعم جماهيري في قطاع غزة. وهذا ما يمثل إشكالية على المدى الطويل".

ومنذ عام 2007، تدير حماس القطاع بعد الإطاحة بحركة فتح في غزة، وتفرض حماس منذ ذلك الحين سيطرتها الكاملة على القطاع. وكجزء من سلطتها، فإن حماس تمتلك شبكة مدنية اجتماعية تحت مسمى "منظومة الدعوة" تضم ما بين 80 ألف إلى 90 ألف عضو، بحسب تقديرات شتاينبرغ.

ويشرح قاموس أكسفورد للإسلام أن كلمة "الدعوة" تعني تاريخيا الوسيلة لدعوة المزيد من المؤمنين إلى التمسك بالدين عبر التوعية المجتمعية.

وفي مقابلة مع صحيفة "إلباييس" الإسبانية أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال رشيد الخالدي، أستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة كولومبيا في نيويورك، إن إسرائيل "تود أن تقضي على حماس كمؤسسة وكهيكل سياسي وديني وثقافي وكهيكل عسكري". وأضاف "لا أعتقد أنهم قادرون على القيام بالأمرين الأولين، لأنه حتى في حالة قتل كافة قادة حماس أو قتل كافة عناصرها المسلحة، فإن حماس ستبقى قوة سياسية، سواء احتل الإسرائيليون غزة أو غادروها. لذا فإن تدمير حماس كمؤسسة سياسية وتدميرها كفكرة يعد ضربا من المستحيل".

ولا تعترف حماس بدولة إسرائيل وترى أن الشريعة يجب أن تكون أساس أي نظام حكم فلسطيني، لكن ربما الوصف الذي أطلقته على نفسها باعتبارها "حركة مقاومة معارضة" للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، هو ما يكسبها شعبية بين الفلسطينيين.

وقال الخالدي إن الإنجاز الذي يمكن أن تحرزه إسرائيل سيتمثل في إضعاف قدرات حماس العسكرية، "ولكن لفترة ومدة زمنية محدودة".

تدمير القدرة العسكرية لحماس

تمتلك إسرائيل أحد أقوى الجيوش في العالم، حيث احتلت المرتبة 18 من بين 145 دولة في عام 2023، وفقا لتصنيف "غلوبال فاير باورللجيوش الأكثر قوة في العالم.

يشار إلى أن الجيش الألماني احتل المركز الخامس والعشرين في التصنيف ذاته.

وفي السياق ذاته، أفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" بأن إسرائيل أنفقت العام الماضي 4.5 بالمئة من الدخل القومي على الدفاع وهو ما يتجاوز الإنفاق الأمريكي والألماني الذي بلغ نسبته من الدخل القومي لكلا البلدين 3.5% و1.4% على التوالي.

وفيما يتعلق بحماس، فإن "كتائب عز الدين القسام"  – الجناح العسكري للحركة – فإنها تعتمد استراتيجية جماعات حرب العصابات، حيث يقوم بتهريب معظم أسلحته إلى قطاع غزة.

وعلى وقع ذلك، فإن إسرائيل تمتلك كافة الموارد اللازمة لإضعاف حماس ومطاردة قادتها إذ قالت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا أنها قتلت ما بين 5000 إلى 7000 من مقاتلي حماس، لكن لم يتسن التحقق من هذا الرقم من مصدر مستقل.

وفي حالة صدق هذه التقديرات، فإنه من الممكن اعتبار أن إسرائيل قد نجحت لكنه نجاحا جزئيا، لأن إضعاف حماس قد يكون أفضل ما يمكن توقعه.

وفي هذا الصدد، قال خبراء في مجموعة الأزمات الدولية الأسبوع الماضي إن بعض المسؤولين الغربيين يعتقدون "أن الهجوم الإسرائيلي حتى الآن، إلى جانب التعزيزات الأمنية الحدودية، قد ضمن أن حماس لن تشن هجوما آخرا مثل الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر / تشرين الأول ".

وكان دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق لعملية السلام، قد كتب مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" أواخر أكتوبر / تشرين الأول الماضي قال فيه: "كما فعلت حماس بعد الصراعات مع إسرائيل في أعوام 2009 و2012 و2014 و2021، فمن شبه المؤكد أن الحركة سوف تستعيد تسليحها ونشاطها".

وأشار إلى أن هذا يعد السبب وراء معارضته لوقف إطلاق النار حتى تتم  إزاحة حماس من السلطة، بحسب قوله.

صعوبة هزيمة جماعات حرب العصابات

يُشار إلى فشل جل الجيوش – باستثناء عدد قليل – في إلحاق هزائم حاسمة بجماعات حرب العصابات التي كانت تقاتلها فيما يأتي في المقدمة فشل الولايات المتحدة في هزيمة حركة طالبان في أفغانستان التي استعادت السيطرة على زمام الأمور مع رحيل القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021.

وفي السياق ذاته، فشلت الولايات المتحدة في القضاء نهائيا على الجماعات المسلحة المناوئة لها في العراق منذ احتلالها بلاد الرافدين عام 2003.

لكن على النقيض من ذلك يقف جيش سريلانكا بعد أن نجح في هزيمة حركة "نمور التاميل" الانفصالية بعد حرب أهلية فيما جرى اعتبار ما حققه جيش سريلانكا "نصرا فريدا حققه جيش نظامي ضد جماعات حرب العصابات".

ورغم انتصار جيش سريلانكا على "نمور التاميل"، إلا أن هذا الانتصار كان مكلفا إذ استغرق 26 عاما من القتال وحصد أرواح ما بين 80 ألف إلى 100 ألف شخص مع اتهامات لكلا الطرفين بالتورط في ارتكاب جرائم حرب.

وحتى في حالة تدهور قدرات جماعات متمردة مثل "داعش"، فإنها كانت قادرة على إعادة صفوفها والظهور على المسرح وإن كان بشكل أكثر تطرفا واقل قوة.

وفي كافة المواجهات المسلحة، لم تتمكن إسرائيل من هزيمة حماس بشكل حاسم رغم عمليات الاغتيال التي استهدفت عددا من قادة الحركة  بما في ذلك اثنين من مؤسسيها وهما أحمد ياسين في 22 مارس/آذار 2004 وعبد العزيز الرنتيسي في 17 أبريل/نيسان 2004.

قتل الفكرة؟

من جانبه، يرى جاستن كرامب، الضابط السابق في الجيش البريطاني والخبير في مكافحة الإرهاب، أن الجيش الإسرائيلي  يمكنه "أن يقوم بأفضل ما يستطيع للقضاء على قيادة حماس ويمكنه تدمير منشآت إطلاق الصواريخ، لكنه لن يكون قادرا على القضاء على فكرة حماس."

وفي مقابلة مع DW ، أضاف كرامب، الذي يرأس شركة سيبيلين المتخصصة في تقييم المخاطر، أن تدمير حماس بالوسائل العسكرية "لن يحدث أي فرق لأنه في الوقت الذي سوف ينقلب فيه بعض سكان غزة ضد حماس، فإن آخرين في غزة سوف يتعاطفون معها وسوف يشعرون بالاستياء من إسرائيل بسبب تصرفاتها وهذا ما سيغذي دائرة [العنف]".

وقال "ما لم ينجم عن ذلك تغيير جذري كبير في نهاية المطاف، فسوف يتكرر ما حدث في السابق ".

جمع من الناس يبحثون عن ضحايا تحت الأنقاض في غزة  (07.12.2023)
تواجه إسرائيل ضغوطات دولية لتحديد أهداف عملياتها العسكرية في غزة مع ارتفاع حصيلة الضحايا بين المدنيينصورة من: Mohammed Dahman/AP Photo/picture alliance

وقد أشار خبراء في مجموعة الأزمات الدولية إلى ذلك الطرح، قائلين "بعد أكثر من شهرين من العمليات الإسرائيلية المكثفة، فمن الواضح أن القضاء على حماس -  حتى كقوة مقاتلة -  سيكون بالمهمة الصعبة وباهظة التكلفة فضلا عن أن الرغبة في تحقيق ذلك ستحمل في طياتها تدمير ما تبقى من غزة".

يشار إلى ان السلطات الصحية التابعة لحماس في غزة قد ذكرت أن أكثر من 18 ألفا قتلوا فضلا عن إصابة أكثر من 49 ألفا منذ بدء  الحرب بين حماس وإسرائيل. وليس ممكنا التحقق صحة هذه المعطيات من مصادر مستقلة

وقدر أستاذ علم الاجتماع في الجامعة المفتوحة في إسرائيل، ياجيل ليفي، في تحليل نشرته صحيفة هآرتس أن المدنيين يشكلون قرابة 61 بالمئة من القتلى فضلا عن تدمير أكثر من نصف المباني في غزة، وأصبح 90 بالمئة من السكان مشردون، فيما قدرت الأمم المتحدة أن  18 في المئة من البنى التحتية في قطاع غزة تعرضت لأضرار منذ بداية الحرب.

وفي تعليقهم، قال خبراء في مجموعة الأزمات الدولية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يزعم أن تدمير حماس سيقضي على التطرف في غزة، لكن عكس ذلك يعد السيناريو المرجح حدوثه. إذ سينجم عن العمليات الجارية وما يعقبها أشكالا جديدة من التشدد ربما ستكون أكثر عنادا".

أعده للعربية: محمد فرحان